وسطا بين الصفاتية الذين يثبتون لله صفات قديمة معه، وبين المعطلة الذين ينفون عنه جميع الصفات، ويقولون إنها عين ذاته، فأدى عمق تفكيره به إلى الموقف الوسط بين هذين الرأيين، وذهب إلى أن صفات الله ليست عين ذاته، ولا قديمة معه، بل إنها حادثة، ليست هي هو ولا غيره، وسيأتي تفصيل ذلك. وبروز هذه الناحية فيه مما ساعد على تنظيم أبحاث الإمامة، عند الشيعة، ولقوة هذا الجانب فيه وصفه ابن النديم بقوله: " هو الذي فتق الكلام في الإمامة، وهذب المذهب وسهل طريق الحجاج فيه ". وحتى نسبوا إليه أنه هو الذي وضع فكرة النص الجلي على الإمام علي (1).
وعلى منطق هذه الروح يمكننا تفسير انتقالاته المتتالية من مذهب أبي شاكر الديصاني، إلى مذهب الجهم بن صفوان، ثم إلى مذهب الإمام الصادق. ويدل ذلك أيضا على أنه في تفكيره حركة دائمة مستقلة تأبى عليه التقليد، وتنزع إلى حرية النظر، وعمق التأمل، يقول عنه الشهرستاني: " وهذا هشام صاحب غور في الأصول، لا ينبغي أن يغفل عن إلزاماته على المعتزلة، فإن الرجل وراء ما يلزمه على الخصم، ودون ما يظهره من التشبيه " (2).
وفي آرائه ومناظراته أكثر من شاهد على ما عنده من عمق التفكير ونفوذ البصيرة مثال ذلك:
" إنه جاءه رجل ملحد، فقال أنا أقول بالاثنين، وقد عرفت