في هذه الأخبار يمكن تنزيله بالتأمل على أحد هذه المعاني، كما عن عائشة الصديقة أنها قالت: كان أبو بكر أحب الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم عمر. ثم قالت: لو استخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم لاستخلف أبا بكر ثم عمر. وعن جميع بن عمير، قال: دخلت مع عمتي على عائشة فسألت: أي الناس كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
قالت: فاطمة. فقيل: من الرجال؟ قالت زوجها. أخرجه الترمذي.
فظهر أن المراد من الأحبية في الحديث الأول حب المشابهة في الفضائل التي هي المناط في الاستخلاف، وفي الحديث الثاني حب الأولاد والأقارب.
وأما أن نقول: بأن الحب يتعلق بالصفات المحمودة التي يحصل بسببها القرب من الله تعالى والرسول ويوجب الرضا عندهما. ولكل صفة من تلك الصفات مقام من الرضا والحب، فيجوز أن يكون شخص أحب لصفة مثل الشجاعة ومحاربة الأعداء، والآخر أحب بصفة أخرى مثل الحل والعقد في أمر الخلافة.
وإما أن نقول: إن " الأحب " بمعنى " من الأحب " فيكون صنف من المحبوبين أرجح على سائر المحبوبين، و " الأحب " لفظ يمكن إطلاقه بإزاء كل فرد من هذا الصنف " (1).
دعوى المعارضة ب " يتجلى الله لأبي بكر... " أقول: إن هذا الكلام في أقصى درجات الهوان ومراتب الفساد، كما لا يخفى على من نظر في مباحثنا المتقدمة بإمعان وإنصاف... ولكن من المناسب أن نبين حال هذا الكلام بإيجاز فنقول: