منع تدوين الحديث - السيد علي الشهرستاني - الصفحة ١٢
والحروب، بل لما وجده في تلك الصحيفة من روايات وأخبار، لقول عائشة: (فلما أصبح قال: أي بنية هلمي الأحاديث التي عندك، فجئته بها، فدعا بنار فحرقها)، وهذا المقطع يوضح لنا بأن نتيجة التقلب قد ظهر في الصباح وهو ما في الصحيفة من أخبار.
لأنا نعلم بأن الخليفة كان يعمل بالرأي ويفتي على طبقه وقد خالف بعض النصوص، وقد رأينا الصحابة قد خطأوه في وقائع كثيرة، فمما يحتمل في الأمر أن يكون الخليفة حين جمعه للأحاديث قد وقف على خطأه فيما أفتاه سابقا بالأرقام، فحصلت في داخله هزة عنيفة لا يمكنه الإباحة بها، لأن بقاء هذه الصحيفة بيد الصحابة والأجيال ستكون مدعاة للاختلاف لاحقا.
وإنك قد وقفت في النص الثاني على منع الخليفة الصحابة من التحديث خوفا من الاختلاف، فكيف به لا يخاف من الأخذ بهذه الصحيفة وهي مدونة ومكتوبة بخطه، فرأى أن لا محيص من إحراقها تحاشيا من التمسك بها على خطأه، فتراه يقول: (فأكون قد نقلت ذلك).
نعم بات الخليفة يعتقد بعدم جواز التحديث عن رسول الله دون فرق بين المحدث، سواء كان مسموعا عن رسول الله بواسطة أو بغير واسطة، لأن التحديث سيعارض اجتهاده، وهو ما ستعرفه لاحقا، فقال: (لا تحدثوا عن رسول الله شيئا).
أما الجواب عن السؤال الثالث:
كيف ينقلب المؤتمن الثقة إلى غير مؤتمن وثقة؟!
وهل يصح طرح روايات مثل تلك بفرض احتمال الكذب عليه؟!
ولو قبل الخليفة وثاقة الرجل لقوله: (ائتمنته ووثقته)، فكيف يمكنه
(١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 ... » »»
الفهرست