مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٥٩ - الصفحة ١٥٩
مع رواة ذلك النوع من الفضائل، واعتمده جملة من العلماء البارزين من أمثال ابن الوليد، وتلميذه الشيخ الصدوق..
وقد أدى ذلك إلى بروز ظاهرة التضعيف بنسبة الغلو إلى جملة من الرواة، كما نشاهده في نسبة الغلو على لسان (بعض أصحابنا) في تراجم بعض الرواة في رجال النجاشي وفهرست الشيخ مع إنهما لم يتبنيا تلك النسبة، بل وصرحا في بعض التراجم بخلافها، ولو لم يكن منشأ نسبة الغلو تلك هو التحديث بذلك النوع من الفضائل لما توقف الشيخ ولا النجاشي في ذلك، ولما أظهرا أية معارضة لتلك النسبة.
نعم، تأثر كبار فقهاء ومحدثي الشيعة الإمامية بدعوة الأشعري ومنهجه كمحمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد وتلميذه الشيخ الصدوق، وتجنب بعض الفقهاء والرواة والمحدثين المعاصرين للأشعري الصدام مع مدرسته ومسايرتها بعدم رواية كل ما يرونه صحيحا، من أمثال الفقيه الجليل والمحدث الشهير محمد بن الحسن الصفار، الذي تجنب في بصائر الدرجات - وهو كتاب ألف في قم في أواخر أيام الأشعري رحمه الله - مطلق الرواية عن سهل بن زياد مداراة منه للجو العام حينئذ، مع أن سهلا من مشايخ الصفار بلا خلاف، وقد روى عنه عدة روايات في التهذيب والفقيه والتوحيد وغيرها من الكتب كما تتبعناه، بل عد الصفار من جملة رجال عدة الكافي الذين يروي الكليني بتوسطهم عن سهل بن زياد، والتي بلغت مواردها في الكافي أكثر من 1000 مورد، ومع هذا فقد تحاشى الصفار الرواية عن سهل في بصائر الدرجات، لما في موضوع كتابه من حساسية شديدة يومذاك.
ومن يدري؟! فلعله أراد بذلك درء شبهة الغلو عن نفسه وكتابه
(١٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 164 ... » »»
الفهرست