مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٥٥ - الصفحة ٧٦
أبدا "، وقوله: " أمنية كأمنية أهل الكتاب "، فيها دلالة على مشروعية التدوين في عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).
لأنا قد قرأنا عن المانعين أنهم قد ذهبوا إلى أن الرسول ما مات إلا وأمر التدوين شائع بين المسلمين، ومعنى كلامهم هذا: أن المنع ليس له عين ولا أثر في أخريات حياته، كما لم يكن له في أولياتها.
ومثل ذلك نقوله عن كتابة أبي بكر الأحاديث الخمسمائة، فهو دليل على الجواز وإلا لما كتبها، قال المعلمي: لو صح هذا، لكان حجة على ما قلنا من عدم صحة النهي عن كتابة الحديث، فلو كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) نهى عن كتابة الأحاديث مطلقا لما كتب أبو بكر (1).
وقال بعدها: لم يثبت استدلال أحد منهم بنهي النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من قريب ولا بعيد.
وقال الشيخ محمد أبو زهو: " إن النهي كان رأيا من عمر - إلى أن يقول: - فأراد عمر بثاقب فكره أن يحبس الناس على القرآن حتى يتمكن حفظه من نفوسهم، وترسيخ صورته في قلوبهم... " (2).
وعليه: فالنهي من قبل الشيخين قد شرع لأسباب خاصة بهما، ولا يرتبط بنهي النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من قريب ولا بعيد.
وقبله الكلام عن الاختلاف بين المسلمين في النقل، فإنه لا يختص بنقل فضائل علي (عليه السلام) وغيره، أو ما يدل على إمامتهم وخلافتهم فقط، كما قال أنصار الرأي الأول، بل الأمر أشمل مما ذكر، لأن مواقف الخليفة ونقولاته كانت تتعارض مع أقوال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأفعاله، فتحاشيا من

(١) الأنوار الكاشفة: ٣٨.
(٢) الحديث والمحدثون: ١٢٦، وانظر: منع تدوين الحديث - لنا -: 369.
(٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 ... » »»
الفهرست