مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٥٥ - الصفحة ٧٣
كان هذا كلام الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) في الأمر، وقد صنف الأحاديث الموجودة بين الناس وأسباب اختلاف المسلمين في النقل عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وليس في ما قاله ما يعني وجهات النظر الاستنباطية المعمول بها عند الفقهاء، بل كل ما فيه يرتبط بوجوه النقل عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وقدرة تلقي الصحابي عنه (صلى الله عليه وآله وسلم)، وأهدافهم فيه، فبعضهم لا يتحرج من الكذب على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) متعمدا، والآخر لم يحمله على وجهه ووهم فيه ولم يتعمد كذبا، وثالث قد سمع من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) شيئا أمر به ثم نهى عنه فلا يعرف الناسخ من المنسوخ، ورابع جاء به كما سمع لم يزد فيه ولم ينقص..
فيفهمنا هذا النص وغيره أن أبا بكر كان يعني اختلافهم في النقل عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لا اختلافهم في وجوه الاستنباط، لقوله لهم: " فلا تحدثوا عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) شيئا " فمجئ " عن " في الجملة تؤكد ارتباطه بالنقل لا الاستنباط، ولقوله في نص آخر علل به حرق مدونته: " خشيت أن أموت وهي عندي، فيكون فيها أحاديث عن رجل قد ائتمنته ووثقت به، ولم يكن كما حدثني " فجملة " حدثني " تعني النقل لا غير (1).
الرابعة: بعد هذا نتساءل عن المختلف فيه بين الصحابة: هل هو فيما يتعلق بالنصوص الصادرة بأمور الخلافة والإمامة فقط، أم إنه أعم منها؟! لأننا نرى أن الخليفة نهى عن التحديث عموما بقوله: " لا تحدثوا عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) شيئا "!!
ذهب غالب كتاب الشيعة (2) وبعض أهل السنة والجماعة إلى القول

(١) تذكرة الحفاظ ١ / ٢ - ٣.
(٢) أنظر: بحثنا بهذا الخصوص في كتابنا منع تدوين الحديث: ٥٧ - 82.
(٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 ... » »»
الفهرست