مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٥٥ - الصفحة ٦٢
فاستحلوا حلاله وحرموا حرامه (1).
ونحن في مناقشة هذا النص لا بد لنا من توضيح عدة نقاط:
الأولى: هل إن الاختلاف الواقع بين المسلمين يرجع إلى الاختلاف في الاستنباط والفهم، أم إن الاختلاف هو في صدور المنقول والنص المروي؟
بمعنى أن الاختلاف تارة يكون في الفهم لمعنى الحديث، وأخرى للنقل عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) صحة وسقما.
الواقع: أن الاختلاف - في النص المذكور - يعم كليهما وإن كنا سنبين أن مراد أبي بكر هو الاختلاف في النص..
لأن الاختلاف في فهم معنى الحديث كان أمرا واقعا في زمن أبي بكر وفي زمن غيره، وأن الخليفة لم يكن يلزم نفسه أو يلزم الآخرين في الأخذ عمن يفترض الأخذ منه، أي أنه كان يسمح للصحابة بالاختلاف في فهم معنى الحديث، بل نراه يرجع الناس إلى الأخذ بالقرآن - والذي هو حمال ذو وجوه - ومعنى فعله هذا أنه لا ينهى عن الاختلاف في الفهم القرآني بل يجيزه.
وعليه: فنهي الخليفة لم يكن عن الفهم لمعنى الحديث، بل إنه صرح في نهيه عن نقل الحديث، بقوله: " فلا تحدثوا عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) شيئا "، فهو يريد النهي عن الحديث عموما، لمجئ النكرة بعد النهي، وهي تفيد العموم حسبما قاله الأصوليون.
ولذلك عد كل من حصر أسباب اختلاف الفقهاء، الاختلاف في

(١) تذكرة الحفاظ ١ / 2 - 3، حجية السنة: 394.
(٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 ... » »»
الفهرست