مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٥٣ - الصفحة ٥٤
وقد ازداد هذا الأمر شدة عند جماعة من المنتمين إلى العلم - وهم خلو منه - حتى تولى كبر ذلك مشايخ سوء (1) فضحهم الله على رؤوس الأشهاد، وأخزاهم في الدنيا قبل المعاد.
وربما تشبث المنكرون لأمر المهدي عليه الصلاة والسلام بما رواه ابن ماجة والحاكم عن أنس: " لا مهدي إلا عيسى بن مريم ".
وهذا من فرط جهلهم وضلالهم، إذ قد بلغ الفرق بينهما في الاشتهار مبلغ الشمس في رائعة النهار.
ولما كانت هذه الفتنة يستفحل أمرها زمانا، وتخمد نار ضلالتها أحيانا، رأيت أن أجمع في ذلك رسالة تكون وازعة للجاهلين، ورادعة للضالين عن إنكار ما علم ثبوته بالتواتر، والخوض في ما لا يبلغه فكرهم القاصر، عسى الله أن يقطع بذلك دابرهم، ويكشف عن أهل الحق شرهم، إنه على ما يشاء قدير، وبالإجابة جدير.
ورتبتها على ثلاثة أبواب وخاتمة.
* * *

(1) كابن خلدون وأضرابه من المتقدمين، ومحمد رشيد رضا، ومحمد فريد وجدي، ومحمد عبد الله السمان، وعبد الله بن زيد المحمود رئيس المحاكم الشرعية بقطر، فإنه كتب - بعد وقوع حادثة الحرم المكي الشريف غرة محرم الحرام سنة 1400 ه‍ على يد جهيمان بن سيف العتيبي وأنصاره - رسالة في إنكار المهدي سماها " لا مهدي ينتظر بعد الرسول خير البشر " وقد استوفى الكلام في الرد عليه الشيخ عبد المحسن بن حمد العباد.
وأمثال هؤلاء الذين يدعون العلم بالسنة، كثيرون في كل صقع ومكان، فيقتحمون في ما ليس من شأنهم، فيخبطون خبط عمياء، في ليلة ظلماء، فيفضحون أنفسهم، ويضلون أقواما آخرين، ولو سكتوا لكان خيرا لهم وأقوم، والله الهادي إلى سواء السبيل.
(٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 ... » »»
الفهرست