مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٤٨ - الصفحة ٤٤٧
(جواب حديث عبد الله بن عمرو بن العاص (8)) وفيه:
أولا: إن الإسباغ إنما يقال في الزائد على الواجب، فلو كان غسل الأعقاب داخلا في أصل واجب الوضوء - كما يدل عليه الوعيد بالويل - كان ذكر الإسباغ لغوا، بل كان الواجب أن يقال: تمموا الوضوء ونحوه (1).

(١) حصر الإسباغ في الزائد على الواجب، فيه تأمل، لصحة إطلاقه على الواجب دون المستحب تارة، وأخرى عليهما معا.
أما الأول، فيدل عليه حديث رفاعة عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): لا تتم صلاة أحدكم حتى يسبغ الوضوء كما أمره الله عز وجل، فيغسل وجهه ويديه إلى المرفقين، ويمسح برأسه ورجليه إلى الجعبين وتقدم تخريجه في ص ٣٧١ هامش رقم ٣، التسلسل ١٥، وأما الثاني، فيدل عليه معنى الوضوء لغة، وهو المبالغة فيه، وإتمامه، وكماله، وتوسعته، كقولهم أسبغ الله عليه النعمة، أي: أكملها، وأتمها، ووسعها. لسان العرب ٦ / ١٥٩ مادة سبغ.
. مع هذا فلا يصح الاستدلال بالحديث على وجوب غسل الرجلين، لكونه مجملا ولا يعلم من داخله أن (القوم) كانوا قد تركوا أعقابهم تلوح بعد غسل أرجلهم، فعبد الله بن عمرو قال: توضؤوا والوضوء أعم من الغسل.
والظاهر من قوله: لم يمسها الماء، أن القوم كانوا قد مسحوا أرجلهم، لا أنهم غسلوها، وإلا لقال: ولم يغسلوا أعقابهم، خصوصا وأن لفظة لم يمسها أقرب في الدلالة على المسح.
ويؤيد هذا إن الحديث في صحيح سلم جاء بلفظ فجعلنا نمسح على أرجلنا، فنادى:
ويل للأعقاب من النار. صحيح مسلم ١ / 214 ح 27 باب 9 من كتاب الطهارة.
وهنا لا يعلم سبب الويل للأعقاب.
ألأنها كانت نجسة، فتوضأ القوم قبل تطهيرها؟
أو أنها كانت طاهرة فتركت بلا مسح؟
والحديث مجمل من هذه الناحية، ولا يدل على شئ منهما، هذا على فرض صحة الحديث، ولكن سيأتي في الهامش اللاحق ما يدل على وضعه، فلاحظ.
(٤٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 442 443 444 445 446 447 448 450 451 452 453 ... » »»
الفهرست