مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٤١ - الصفحة ٢٢٠
من تأكيد وجود علاقة تأثير وتأثر بين المدائح النبوية عامة، و (البردة) خاصة وبين (البديعيات).
فالبوصيري - ممثل المدائح النبوية -، والصفي الحلي - ممثل البديعيات - كل منهما قد تعرض لمرض عضال طالت مدته، وامتدت شدته، قبل أن ينظم قصيدته، وقد ألجأ صاحبه إلى الله تعالى، متوسلا بنبيه، آملا الشفاء.
وكلاهما سلك سبيل الشعر في توسله.
وكلاهما جاءت قصيدته على بحر البسيط، وروي الميم المكسورة، باختلاف الزيادة البديعية التي جاء بها الصفي الحلي، وقد أشار إلى وجه الشبه هذا عبد الغني النابلسي في معرض حديثه عمن ألف في البديع فوصل إلى ابن أبي الإصبع، وقال: " حتى جاء بعده الشيخ عبد العزيز الحلي الملقب بالصفي - رحمه الله تعالى - فنظم قصيدة من بحر البسيط على قافية الميم، مدح فيها النبي - عليه الصلاة والسلام - مثل قصيدة الأبو صيري التي سماها البردة... ".
وكلاهما قد برئ من مرضه بعد نظم القصيدة، وصرح بذلك كله.
هذه الاتفاقات كلها بين القصيدتين، تحملنا على التأكيد بوجود الوشائج المتينة بين المدائح النبوية و (البديعيات)، تلك الوشائج التي لا يجوز لنا بحال من الأحوال إغفالها وغض الطرف عنها، ونحن نبحث في نشأة (البديعيات) وربما زعم بعضهم أن قصة المرض عند كلا الشاعرين - أو أحدهما - مختلقة لا أصل لها، وهنا فإن لنا موقفا من هذا الزعم (4).
وقال:
وتجدر الإشارة هنا، وقبل مغادرة هذا البحث إلى أن بعض أصحاب

(4) البديعيات: 17 - 22.
(٢٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 215 216 217 218 219 220 221 222 223 224 225 ... » »»
الفهرست