مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٤١ - الصفحة ٢١٧
- أمن تذكر جيران بذي سلم * مزجت دمعا جرى من مقلة بدم - أليس المرض متقاربا؟ ورؤية النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الحلم متشابهة؟ والفرق الوحيد هو أن البوصيري لم تكن عنده الرغبة في التأليف البديعي كتلك التي كانت عند الصفي الحلي.
ومما تدخره ذاكرتنا أنه منذ بعثة النبي صلى الله عليه وآله وسلم عرف المديح له وأفرد من بين المديح بتسميته خاصة به: (المديح النبوي)، واستمر ركبه منطلقا بعد أن قضى عليه السلام، وإلى يوم الناس هذا، وما أكثر هذه المدائح!
ولسنا بصدد تأريخ تلك المدائح، فمن المعروف أن دالية الأعشى - إن صحت نسبتها إليه - والتي مطلعها:
ألم تغتمض عيناك ليلة أرمدا * وعادك ما عاد السليم المسهدا كانت أول قصيدة مدح بها عليه السلام، وإن لم تتضمن شروط المديح النبوي كلها، ثم توالت المدائح النبوية، فكان لأبي طالب عبد مناف بن عبد المطلب غير قصيدة في ذلك نسبت إليه، ثم كانت مدائح حسان بن ثابت، وبردة كعب بن زهير:
بانت سعاد فقلبي اليوم متبول * متيم عندها لم يجز مكبول وغير ذلك من هذه القصائد التي استمرت تحبو إلى أن قيض لها أن تصبح خلقا سويا يسر الناظرين، ويتمايل لسماعه السامعون، ويتداعى الشعراء إلى التقليد والمحاكاة والمعارضة بعده، على يد البوصيري في بردته ذات مطلع:
أمن تذكر جيران بذي سلم * مزجت دمعا جرى من مقلة بدم ولما كان للبردة ذلك الأثر الذي لا يخفى عن كل ذي لب في (البديعيات)، أنست في نفسي هوى للتعريج قليلا عليها وعلى قائلها، وإن كثر هذا الحديث في غير ما موضع.
(٢١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 212 213 214 215 216 217 218 219 220 221 222 ... » »»
الفهرست