مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٣٩ - الصفحة ٤٤٨
لكن الظاهر أن المراد بأهل البيت - على طبق قولهم -: أهل الله، وأهل القرآن، أهل بيت النبوة (١١٨)، ولا ريب أن ذلك منوط بحصول كمال الأهلية والاستعداد المستعقب للتنصيص والتعيين من الله ورسوله على المتصف به كما وقع في الآية والحديث، ولهذا احتاجت أم سلمة إلى السؤال عن أهليتها للدخول فيهم كما مر (١١٩).
ونظير ذلك: أن المتبادر من الإرث في قوله تعالى: ﴿وورث سليمان﴾ (120)، هو إرث المال، وقد قيل: المراد إرث النبوة أو العلم (121)،

(١١٨) صرح النووي في تفسيره ٢ / ١٨٣ بهذا المعنى فقال: (أهل البيت، أي: يا أهل بيت النبوة) وبه قال ابن منظور في لسان العرب - مادة: أهل - ١ / ٢٥٤، قال: (وآل الله وآل رسوله:
أولياؤه، أصلها: أهل، ثم أبدلت الهاء همزة...).
(١١٩) مر سؤال أم سلمة - رضي الله تعالى عنها - في ص ٤٢١ من هذه الرسالة.
(١٢٠) سورة النمل ٢٧: ١٦.
(١٢١) اختلفوا في ما ورث سليمان داود عليهما السلام على ثلاثة أقوال:
الأول: أنه ورث العلم، واستدلوا بما قاله أبو بكر بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بأنه سمع النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (نحن معاشر الأنبياء لا نورث)، ومع فرض صحته فلا يمكن العمل به، لأنه خبر واحد لا يجوز أن يخصص به عموم القرآن الكريم، ولا نسخه به.
وفيه أيضا: أن العلم وإن قبل الانتقال بنوع من العناية غير أنه إنما يصح في العلم الفكري الاكتسابي، والعلم الذي يختص به الأنبياء والرسل عليهم السلام - كرامة من الله تعالى لهم - وهبي ليس مما يكتسب بالفكر، فغير النبي يرث العلم من النبي، لكن النبي لا يرث علمه من نبي آخر ولا من غير نبي.
الثاني: أنه ورث العلم والنبوة، واستدلوا عليه بأن داود عليه السلام كان له تسعة عشر ولدا ذكورا، وورثه سليمان خاصة، فدل على أن ورثه العلم والنبوة.
وفيه: أنه خبر واحد لا يلتفت إليه في المقام، كما مر إبطال وراثة علم النبي من نبي آخر لأنه وهبي. كما أن النبوة نفسها لا تقبل الوراثة لعدم قبولها الانتقال.
الثالث: ورثه ماله وملكه، وهذا هو رأي الشيعة الإمامية - انظر: التبيان ٨ / 82، والميزان 15 / 349 - على أن اغتصاب الزهراء عليها السلام حقها هو المنشأ الحقيقي للقولين الأولين، وإلا لما أجمع أهل البيت عليهم السلام على القول الثالث، بل ولما استدل الحسن البصري بهذه الآية على أن الأنبياء يورثون المال كتوريث غيرهم، ولما أرجعت فدك إلى أهلها في فترات متعاقبة عبر التاريخ، أنظر: مجمع البيان 7 / 278.
(٤٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 443 444 445 446 447 448 449 450 453 454 455 ... » »»
الفهرست