مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٣٨ - الصفحة ٢٤
كانت طرفا من أطراف النزاع في مراحله الأخيرة، كما كان لها ميلا صريحا إلى أحد طرفي النزاع منذ أيامه الأولى، بل ربما قبل ذلك أيضا.
ولقد ثبت عن عروة أنه قد تأثر بهذا الميل تأثرا كبيرا، بل الأرجح أن ميله هذا هو الذي دعاه إلى الاختصاص بعائشة دون سواها، فهو ابن الزبير بن العوام الذي كان إلى جانب عائشة في طليعة الداعين إلى نقض بيعة علي بن أبي طالب وإعلان الحرب ضده، تلك الحرب التي كان الزبير من أول ضحاياها.
وكان عروة قد حاول الخروج معهما في تلك الحرب، لكن ردوه لصغره، إذ كان عمره ثلاث عشرة سنة (18).
فلم يكن اختصاصه بأم المؤمنين عائشة لكونها خالته أخت أمه أسماء إذن، فلقد كان بنو هاشم أخواله أيضا، فأم أبيه هي صفية بنت عبد المطلب أخت أبو طالب.
ولقد كان هذا الميل ثابتا في حديثه حتى عد في المنحرفين على علي عليه السلام، نسبه إلى ذلك من لا يتهم فيه:
قال معمر: كان عند الزهري حديثان عن عروة عن عائشة في علي عليه السلام، فسألته عنهما يوما، فقال: ما تصنع بهما وبحديثهما؟ الله أعلم بهما!
إني لأتهمهما في بني هاشم (19)!
إذن فهذا المصدر متهم أيضا، متهم لا في إخفاء بعض حقائق التاريخ وحسب، بل في إدخال الأخبار المختلقة التي نسجها خصوم بني هاشم للنيل منهم والتنقص من منزلتهم!
إنه متهم بذلك حتى عند الزهري الذي لم يكن له ميل إلى علي وبني

(١٨) سير أعلام النبلاء ٤ / ٤٢٣، الطبقات الكبرى ٥ / 179.
(19) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 4 / 64.
(٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 ... » »»
الفهرست