مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٣٣ - الصفحة ٢٢٥
ابن عمر، عن عمر، قال: رآني النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأنا أبول قائما، فقال: يا عمر، لا تبل قائما، فما بلت قائما بعد (37).
وهذا يدل بظاهره على أن عمر كان يبول قائما بعد إسلامه حتى نهاه النبي صلى الله عليه وآله وسلم، لكنه معارض برواية ابن عمر المتقدمة، فإن تكافأتا وإلا فقد ذكر الترمذي أن عبد الكريم بن أبي المخارق ضعيف عند أهل الحديث، ضعفه أيوب السختياني وتكلم فيه، ثم ذكر رواية ابن عمر المتقدمة وقال: هذا أصح من حديث عبد الكريم (38).
قلت: ويظهر من ذلك أن البول قائما كان مستقبحا عندهم، ولذا نهاه النبي صلى الله وآله وسلم عنه، وألزم عمر نفسه بالإقلاع عن هذا الصنيع لينتهي بنهيه عليه وآله الصلاة والسلام، ويتحلى بآداب الدين وسنن الشريعة الغراء، والله تعالى أعلم.
وأما عبد الله بن عمر، فهو الذي روى حديث نهي النبي صلى الله عليه وآله وسلم أباه عن البول قائما، وهو يعلم أن النهي لا يخص أباه، فكيف يخالفه؟! وقد تقرر أن خطابه صلى الله عليه وآله وسلم للواحد يشمل غيره حتى يقوم دليل الخصوصية، هذا مع جواز صدور ذلك عنه ضرورة.

(٣٧) سنن الترمذي (الجامع الصحيح) ١ / ١٧، مصابيح السنة ١ / ٢٨.
(٣٨) سنن الترمذي ١ / ١٧ ذيل الحديث ١٢.
قال مسلم بن مقدمة كتابه: حدثنا محمد بن رافع وحجاج بن الشاعر، قالا: حدثنا عبد الرزاق، قال: قال معمر: ما رأيت أيوب اغتاب أحدا قط إلا عبد الكريم يعني أبا أمية، فإنه ذكره فقال: كان غير ثقة، لقد سألني عن حديث لعكرمة ثم قال: سمعت عكرمة.
وقال أيوب أيضا: لا تأخذوا عن أبي أمية عبد الكريم فإنه ليس بثقة، وضعفه أحمد وقال:
كان ابن عيينة يستضعفه، وقال ابن معين: ضعيف، وقال ابن عدي: الضعف على رواياته بين، وقال النسائي والدارقطني: متروك، وقال السعدي: كان غير ثقة، وقال ابن حبان: كان كثير الوهم فاحش الخطأ، فلما كثر ذلك منه بطل الاحتجاج به، وقال أبو أحمد الحاكم: ليس بالقوي عندهم، كما بترجمته في تهذيب التهذيب ٣ / 485 - 486.
(٢٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 220 221 222 223 224 225 226 227 228 229 230 ... » »»
الفهرست