مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ١ - الصفحة ٦٧
ولا يزال التاريخ يذكر أمر النبي صلى الله عليه وآله أحد الصحابة أن يتعلم لسان يهود، فتعلمه في بضعة عشر يوما....
وكان القرآن الكريم فاتحة الخير لتدوين العلوم، وجاء حثه على طلب العلم وأمره به، محفزا للمسلمين كي يقتحموا لجج المعارف ويغوصوا في أعماقها طلبا للحقائق.
وكان صنو رسول الله ووصيه، أمير المؤمنين صلوات الله عليهما وآلهما بابا لمدينة العلم... دون القرآن الكريم، والصحيفة الجامعة، وغيرها.
وتبعه شيعته من أول العهد، فالكتب المعنية تذكر كتابا لأبي ذر رحمه الله، وكتابا لعبيد الله بن أبي رافع....
ولم يعيروا اهتماما للردة العلمية التي قادها أحد حكام المسلمين بنهيه عن الكتابة والتدين وعقابه عليها، بل استمروا على الخط الصحيح... وذهب الزبد جفاء، ومكث ما ينفع الناس في الأرض.
فكانت للمسلمين - بفضل استقامة هذه الصفوة الطاهرة - هذه المكتبة العظيمة، التي لم تصل إلى غناها وثرائها مكتبة أخرى لأية أمة.
وجاءت أقوال أئمة الهدى عليهم السلام مؤكدة للأمر الإلهي العزيز:
﴿وقل رب زدني علما﴾ (١).
﴿إقرأ باسم ربك..﴾ (2) فقد ورد عن أهل البيت عليهم السلام:
اكتب وبث علمك في إخوانك فإن مت فأورث كتبك بنيك، فإنه يأتي على الناس زمان هرج لا يأنسون فيه إلا بكتبهم (3).
من مات وميراثه المحابر والدوي فله الجنة.
أما حول فن التحقيق، فقد جاء عن الصادق عليه السلام:
(عن عبد الله بن سنان قال: قال الصادق عليه السلام: ستصيبكم شبهة فتبقون بلا علم يرى ولا إمام هدى، لا ينجو منها إلا من دعا بدعاء الغريق، قلت:
وكيف دعاء الغريق؟ قال: تقول: يا الله يا رحمن يا رحيم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك.
فقلت: يا مقلب القلوب والأبصار ثبت قلبي على دينك

(١) الكهف ٢٠: ١١٤.
(٢) العلق ٩٦: ١.
(٣) الكافي ١: ٤٢ / ١١، منية المريد: ١٧٣، البحار 2: 150 / 27 عن كشف المحجة: 35.
(٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 61 62 63 65 66 67 68 69 71 72 73 ... » »»
الفهرست