ما نزل من القرآن في شأن فاطمة (ع) - السيد محمد علي الحلو - الصفحة ٨٥
فظهر من ذلك أن قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان تأديبا لأمته، وتعليما منه إياها، وتحذيرا لها من أن ترتكب في فاطمة ما يغضبها حقا، فإن إيذاءها في ضرب مثل على نحو المجاز كان سببا لغضب الله تعالى وتهديده بأن ذلك سيكون سببا لإحباط العمل، فكيف بمن يقصد إلى إيذاءها حقيقة أو يعمد إلى التقليل من شأنها صلوات الله عليها؟!
على أن الخطاب القرآني هنا غير موجه للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، إذ كان الغضب الإلهي وإحباط العمل والتهديد مقصود منه الأمة، فالقرآن نزل " بإياك أعني واسمعي يا جارة "، فهو قرآن عربي مبين نزل على لغة العرب، والعرب تخاطب الرجل التميمي مثلا بما جنته عشيرته وإن لم يكن هو قد ارتكب ذلك، فتقول: ألم تقتل النساء؟ ألم تغير على الآمنين؟ ألم تسرق كذا وكذا؟ مع أنه لم يقتل أحدا ولم يسرق شيئا ولم يرتكب ما ارتكبته عشيرته، إلا أن الخطاب قد وجهته إلى رجل منهم فكان هو المخاطب بما جنته عشيرته، وهذا ما أفاده الإمام زين العابدين (عليه السلام) من تقريب الخطاب القرآني وكيفية توجهه للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وقد قصدت منه أمته.
وهكذا الآية هنا فهي في صدد تحذير الأمة وتهديدها من ارتكاب ما يخالف فاطمة (عليها السلام)، إلا أن الخطاب كان موجها للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، مقصودا منه أمته.
(٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 ... » »»
الفهرست