ما نزل من القرآن في شأن فاطمة (ع) - السيد محمد علي الحلو - الصفحة ٥٨
تثبيت كلمة التوحيد والرسالة، اللتان كادتا أن تمحيا ببيعة يزيد وما جرى من انتهاكات لحرمة الدين لولا وقفته صلوات الله وسلامه عليه.
فكل هذه الوسائط النورانية توقد من شجرة مباركة وهو إبراهيم (عليه السلام)، الذي هو مصدر لتلك الإمامة المباركة * (وجعلها كلمة باقية في عقبه) * (1) وقد أشرنا إلى أن الكلمة الباقية هي الإمامة، وهذه الشجرة المباركة لا شرقية ولا غربية بل هي مظهر التوحيد لله الواحد الأحد * (إن إبراهيم كان أمة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين) * (2).
وهذه الشجرة المباركة تتفجر بالعلم والهداية والمعرفة * (ولو لم تمسسه نار) * إذ هذا النور وهو العلم والمعرفة لم يكن اكتسابيا بل هو لدنيا غيبيا يقذفه الله في قلوبهم صلوات الله عليهم، وهي إشارة إلى نوع علومهم اللدنية، فلم تكن مكتسبة من أحد، بل مصدرها المدد الإلهي الذي يفيض عليهم كل حين، والله تعالى يهدي لطريق الحق وهي الإمامة التي هي ذلك النور المضئ لمن يشاء من عباده.
وهذا هو المورد الثاني للتمثيل بالشجرة، إذ قد سبق التمثيل بالشجرة في سورة إبراهيم بقوله تعالى: * (ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة) * وقلنا: إن الكلمة هي الإمامة فضرب الله تعالى مثل الإمامة كالشجرة الطيبة، وفي الآية إشارة لطيفة في تمثيل الإمامة بالشجرة التي توقد ذلك المصباح الذي هو في مشكاة في زجاجة كأنها كوكب دري، وهذا النور غير

(٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 ... » »»
الفهرست