سياسة الأنبياء - السيد نذير يحيى الحسيني - الصفحة ٩٢
بالله تعالى وقطع كل روابط التعلق الأخرى بغير الله تعالى إنه التوحيد الخالص الذي لا تشوبه أي شائبة، فهو المنجي من الهلكات، وفاتح أسباب الدوائر المعنوية بعدما تغلق كل الأسباب المادية، فهذا يوسف (عليه السلام) جلس في ذلك الجب ولا يوجد أي بصيص أمل في الخروج سوى الله تعالى فانغلقت كل الأسباب المادية أمامه وأين الأسباب والمكيدة كانت من إخوته الذين هم أقرب الناس إليه، إذ لم يبقى معه إلا الله الذي اكتفى به يوسف عن غيره من الناس فأرسل له السيارة ومكنه من الخروج ليهيئ له جب آخر وهكذا حتى يتسلم مقاليد الأنبياء.
الثاني: - الصبر وهو أسمى درجات الإيمان، فصبر يعقوب ليعطينا درسا في الصبر بجنب الله تعالى فقال * (فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون) * (1) فالصبر هي الوسيلة الوحيدة التي تتحطم على أعتابها كل البلايا وتتحول كل المآسي إلى محطة للعبور إلى الأمن والإيمان فلا مستقر للنفوس إلا بصبرها، فهذا يعقوب طلب العون من الله في أمر لا يستطيع أن يفعل اتجاهه أي شئ.
الدرس الثاني يوسف والسيارة * (وجائت سيارة فأرسلوا واردهم فأدلى دلوه قال يا بشرى هذا غلام وأسروه بضاعة والله عليم بما يعملون) * (2) جاءت تلك القافلة لتحمل يوسف إلى دار العزيز بتخطيط إلهي مسبق، جاءت لتضع حلقة من حلقات النبوة في حياة يوسف (عليه السلام) فجاءوا يطلبون الماء من ذلك الجب الذي سكن فيه يوسف بدون أي حركة منتظرا أمر الله فيه فأرسلوا واردهم فأدلى دلوه، فأحس يوسف بحسحسة الدلو حتى وصل إليه فتعلق فيه ليخرج من باطن

(٩٢)
مفاتيح البحث: العزّة (1)، الصبر (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 ... » »»