سياسة الأنبياء - السيد نذير يحيى الحسيني - الصفحة ٩٤
يوسف والعزيز * (وقال الذي اشتراه من مصر لامرأته أكرمي مثواه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا وكذلك مكنا ليوسف في الأرض ولنعلمه من تأويل الأحاديث والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون) * (1) هذا النص القرآني لم يبين مواصفات المشتري بشكل واضح بل بينته آيات أخر من كتاب الله العزيز مثل:
* (وقال نسوة في المدينة امرأة العزيز تراود فتاها عن نفسه) * (2) فهذا النص الكريم يدل على أن المشتري كان عزيزا في قومه مقصودا لهم في الملمات حائزا على مراتب اجتماعية وسياسية يفقدها غيره.
فالمشتري كان عزيزا في قومه والبضاعة كانت أشرف وأنقى بضاعة على وجه الأرض فهي نبي من الأنبياء، فتفرس هذا العزيز في وجه يوسف منازل العلو والرفعة والكرامة لأن يوسف " كان ذا جمال بديع يبهر العقول ويوله الألباب وكان قد أوتي مع جمال الخلق حسن الخلق صبورا وقورا لطيف الحركات مليح اللهجة حكيم المنطق كريم النفس نجيب الأصل " (3) يا لها من مواصفات حيرت العقول ملكها يوسف (عليه السلام) فجعلت القلوب تقبله إذا أقبل والعيون تتبعه إذا أدبر أنه يوسف الذي أمر العزيز امرأته أن تكرم مثواه بعدما كانت العادة أن العبيد من الطبقة الثانية في المجتمع، وبالفعل تولت تلك المرأة مراقبة مراحل حياته، فبقي يوسف عند العزيز لينفعه في تدبير شؤون رعيته ويديم عليه عزته في قومه، فهذه نعمت الله التي أنعمها على يوسف فجعلته يتربى في أحضان الأشراف بعدما كان في غيابات مظلمة وشاءت الأقدار أن يكون يوسف محط أنظار العزيز بعدما بخسوا فيه الثمن.
* (والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون) * (4) الدرس الرابع

(١) يوسف: ٢١.
(٢) يوسف: ٣٠.
(٣) الميزان: ج ١١، ص ١١٣.
(٤) يوسف: ٢١.
(٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 ... » »»