سياسة الأنبياء - السيد نذير يحيى الحسيني - الصفحة ١٠٣
من كل التهم التي تلصق به وأن يبحث عن الطرق والوسائل التي من خلالها يكشف لمرؤوسيه أنه برئ مما يقال بشأنه.
وأخيرا نجى يوسف من التهمة وأظهره الله على الخلق بعدما أرادوا أن يخفوه في غيابات السجون ليقرر لهم أنه لم يخن ذلك الرجل الذي كرمه وفتح له بيته وآمنه على عائلته وما مصير الخائنين إلا الظلال والتيه وعدم الهداية وفي نهاية المطاف شعر يوسف بأن القوم برأوه من دون مساعد يساعده على ذلك فقال لهم بأن هذا الابتلاء الإلهي برأني منه الله تعالى ولا استقلالية لي في كل الأمور التي أمر بها.
يوسف وقيادة المجتمع * (وقال الملك إئتوني به أستخلفه لنفسي فلما كلمه قال إنك اليوم لدينا مكين أمين) * * (قال اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم) * * (وكذلك مكنا ليوسف في الأرض يتبوأ منها حيث يشاء نصيب برحمتنا من نشاء ولا نضيع آجر المحسنين ولأجر الآخرة خير للذين آمنوا وكانوا يتقون) * (1).
وأخيرا أطلق الملك كلمته وجاءت المرحلة الآخرى من مراحل الأعداد الإلهي ليوسف ليستلم مناصب الحكم وقيادة المجتمع ويصبح في أعلى قمة من قمم التسلسل الاجتماعي بعدما كان تحت الأرض وفي الجب، هذه هي إرادة وأمر الله وقدرته، فأعطاه الملك المكانة في الدولة والعلو والرفعة واستأمنه على كل شئ في شؤون المملكة فلما علم يوسف بذلك طلب من الملك أن يكون قيم على خزائن الأرض وقيم على أمر المملكة فإنه حفيظ لما يستأمن عليم قادر على إدارة الشؤون العامة. فلا بد للقائد من صفة الحفيظ يحفظ الأموال والأعراض وكل ما يتعلق بمسئولياته وعليم قادر على الإدارة وسياسة البلاد وسيرها بالشكل الجيد، وأخيرا استلم يوسف المنصب ليعدل وليأمر بالعدل ويرسم للناس سياستهم الاقتصادية والاجتماعية وكل ما يتعلق بأمر الدولة. والأشراف عليها، وهذه هي الرحمة الإلهية وهذا هو أجر المحسنين وأجر الآخرة أكثر ولمثل هذا فليعمل العاملون.

(١) يوسف: ٥٤ - 55 - 56 - 57.
(١٠٣)
مفاتيح البحث: الكرم، الكرامة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 ... » »»