المتواترات، الفطريات. ومن الواضح وجود التفاوت بين أقسامها، فأين قولنا:
الكل أعظم من الجزء، من قولنا: نور القمر مستفاد من الشمس؟! فالأول من الأوليات، والثاني من الحدسيات، وبذلك يظهر أن وجود التفاوت لا يضر بالبداهة.
وأما سبب التفاوت فيرجع غالبا إلى وجود الاختلاف بين تصور مفرداتها، مثلا كل ممكن يحتاج إلى علة، حكم بديهي، ومع ذلك فقولنا: الكل أعظم من الجزء، أيضا بديهي، وسبب الاختلاف يرجع إلى ظهور مفردات الثاني دون الأول، فأين الإمكان والحاجة والعلة من الظهور إلى الكل والجزء والعظم، فاختلاف المفردات من حيث الظهور والخفاء يورث ظهورا وخفاء في المركب أيضا.
أضف إلى ذلك، أن قصارى ما يثبته الدليل أنها ليست من الأمور البديهية لا أنها ليست من الأمور العقلية.
ثم إن الشيخ المظفر أجاب عن الإشكال بوجه آخر بقوله:
إن قضية الحسن والقبح - كما قلنا - من المشهورات، وقضية أن الكل أعظم من الجزء، من الأوليات اليقينيات، فلا ملازمة بينهما، وليس هما من باب واحد حتى يلزم من كون القضية الأولى مما يحكم به العقل ألا يكون فرق بينها وبين القضية الثانية، وينبغي أن نذكر جميع الفروق بين المشهورات هذه وبين الأوليات، فيكون أكثر وضوحا بطلان قياس إحداهما على الأخرى وذكر فروقا، نذكر منها اثنين:
أ. إن الحاكم في قضايا التأديبات، العقل العملي، والحاكم في الأوليات العقل النظري.
ب. إن القضية التأديبية لا واقع لها إلا تطابق آراء العقلاء، والأوليات لها