حديث الطلب والإرادة - محمد المحمدي الجيلاني - الصفحة ١٤
[في وصف المتكلم] ولما انتهى بحثهم إلى الكلام طال التشاجر بين الفريقين - ولعل تسميتهم بالمتكلمين لذلك - فذهب المعتزلة (1) ومتكلمو الإمامية (2) إلى توصيف الباري بالمتكلم لأجل إيجاده الكلام في شئ، مثل شجرة موسى (عليه السلام)، أو نفس نبي أو ملك.
وقال بعض أهل التحقيق (3): إن إطلاقه عليه بقيام التكلم به، لا الكلام، قياما صدوريا لا حلوليا، كما أن إطلاقه علينا كذلك أيضا، والفرق: أن إيجادنا بالآلة دونه تعالى.
وذهب الأشاعرة (4) إلى أن كلامه تعالى ليس من جنس الأصوات والحروف، بل هو معنى قائم بذاته تعالى في الأزل، يسمى الكلام النفسي، وهو مدلول الكلام اللفظي المركب من الحروف، ومنه الطلب القائم بنفسه، وهو غير الإرادة [4].
والقول الحق الموافق للبرهان: أن إطلاق المتكلم عليه تعالى ليس لذلك ولا لذا.
[4] لا خلاف بين أهل الملة في كونه تعالى متكلما، لكن اختلفوا في تحقيق كلامه وحدوثه وقدمه.
وذلك أنهم لما رأوا قياسين متعارضين في النتيجة، وهما: كلام الله تعالى صفة له، وكل ما صفة له فقديم، فكلام الله قديم. وكلام الله مركب من حروف وأصوات مرتبة متعاقبة في الوجود، وكل ما هو كذلك فهو حادث.
فاضطروا إلى القدح في أحد القياسين، ضرورة امتناع حقية النقيضين، فمنع كل

١ - كشف المراد: ٢٨٩، شرح المواقف ٨: ٩٢.
٢ - شرح الأصول الخمسة، القاضي عبدا لجبار: ٥٢٨ - ٥٦٣، المغني ٧: ٣ - ٦٢، كشف المراد: ٢٨٩.
٣ - أنظر الحكمة المتعالية ٧: ٤، نهاية الدراية ١: ٢٦١ - ٢٦٨.
٤ - شرح المقاصد ٤٤: ١٤٦ - ١٤٧، شرح المواقف 8: 93.
(١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة الناشر 3
2 المقدمة 9
3 في وصف المتكلم 14
4 فساد قول المعتزلة 17
5 شك ودفع: في وحدة إرادة الله وعلمه 21
6 تنبيه عرشي 23
7 فساد قول الأشاعرة 25
8 المطلب الأول ما هو المهم مما استدل به الأشعري على مطلوبه الأمر الأول: ثبوت الطلب نفسي في الأوامر الامتحانية 27
9 الأمر الثاني: حول تكليف الكفار 41
10 إيقاظ 44
11 الفصل الأول: في عنوان المسألة 47
12 الفصل الثاني: في إبطال المذهبين 53
13 الفصل الثالث: في بيان المذهب الحق 65
14 تنبيه: في شرك التفويضي وكفر الجبري 70
15 إرشاد: في استناد الأفعال إلى الله 78
16 تمثيل 82
17 تمثيل أقرب 82
18 تأييدات نقلية 83
19 الآيات 83
20 الروايات 86
21 الفصل الرابع: في ذكر بعض الشبهات الموردة ودفعها 96
22 حول إرادية الإرادة 96
23 تحقيق يندفع به الإشكال 101
24 تنبيه 106
25 حول قاعدة: الشئ ما لم يجب لم يوجد 107
26 حول علم الله تعالى واختيار الإنسان 117
27 المطلب الثاني في بيان حقيقة السعادة والشقاوة الأمر الأول: حول قاعدة " الذاتي لا يعلل " 124
28 الأمر الثاني: في فقر وجود الممكنات وعوارضه ولوازمه 129
29 الأمر الثالث: استناد الكمالات إلى الوجود 132
30 الأمر الرابع: في معنى السعادة والشقاوة 132
31 التحقيق: كون السعادة والشقاوة كسبيتين 134
32 المطلب الثالث في شمة من اختلاف خلق الطينات منشأ اختلاف النفوس 142
33 تنبيه حول مفاد بعض الأحاديث 159
34 خاتمة حول فطرة العشق إلى الكمال والتنفر عن النقص 162