المواسم والمراسم - السيد جعفر مرتضى - الصفحة ٦
في قضية الإطعام التي خلدها القرآن الكريم بقوله: {ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا * إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا }. (1) ولا يتسع لنا المجال لو أردنا أن نستعرض كل الأمثلة الزمانية والمكانية لهذه الخصيصة القرآنية التربوية الفطرية.
فالاحتفال بالذكرى العظيمة هو مقتضى الأصل والفطرة والطبيعة بل ولا يحتاج إلى دفع شرعي بعد أن كان يشكل حالة طبيعية ومصداقا لأوامر التكريم والتبجيل . والمطالع لهذا الكتاب يجد أن كل ما ذكر من أدلة مانعة لا تنهض مطلقا دليلا على الردع عن هذه السيرة الإنسانية الطبيعية... ولو افترضنا أن الإسلام يعارض هذا المعنى لكان من الطبيعي أن تتظافر الأدلة في المنع، وليس لدينا ما يمنع بل لدينا ما يحث على العمل بهذه السيرة الإنسانية خصوصا إذا تحول من مجرد الفرح والحزن إلى عملية استيحاء واعية للذكرى ومعطياتها.
ترى ماذا على المسلمين لو أحيوا ذكرى المعراج واستوحوا معاني العظمة الإنسانية منه؟ وهل عليهم من غضاضة لو احتفلوا بيوم الهجرة النبوية الشريفة، أو الثورة الحسينية العظيمة؟! وهل بعد ذلك بدعة كما يدعي الوهابيون الجهلة؟
وبهذا نعرف أن تركيزنا على جواز هذا الإحياء بل استجابة لا يعني مطلقا تبرير ما يجري من أعمال مخالفة للشريعة أحيانا، فإنها أمور مرفوضة في أي زمان أو مكان كانت، وهذا أمر لا يغيب عن بال الواعين.
وحبذا لو ثاب إلى رشدهم أولئك الذين يتهمون الناس سريعا بالكفر والبدعة والجحود وأمثال ذلك من التهم العظيمة الوزر، وحبذا لو عملوا على وحدة الصف... دون تناسي مسألة تطهير هذه الاحتفالات مما علق بها من شوائب غير صحيحة.
وهكذا نعود أمة موحدة صامدة في وجه الظلم، بل ونحول احتفالاتنا إلى مجالات إسلامية تربوية كبيرة تعمل على تحقيق نفس الأهداف السامية.
والله الموفق للصواب معاونية العلاقات الدولية في منظمة الإعلام الإسلامي

1 - الإنسان: 8 - 9.
(٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 ... » »»