المواسم والمراسم - السيد جعفر مرتضى - الصفحة ١١
وعلى هذا الأساس، فإننا نجد: أن دعوة علي عليه السلام أصحابه إلى عدم سب أهل الشام، ولكن بإمكانهم أن يصفوا أعمالهم، معللا ذلك بأنه أصوب في القول، وأبلغ في العذر. (1) إن هذه الدعوة... قد جاءت منسجمة كل الانسجام مع تعاليم القرآن الكريم ، وتوجيهاته السامية، في مجال الهداية إلى سبيل الله، والدعوة إلى دينه...
مع أنه عليه السلام يستحل دماءهم، ويباشر قتلهم.... حتى لقد قيل: إنه عليه السلام قد قتل منهم بنفسه عدة مئات في ليلة واحدة، وهي المسماة ب‍ " ليلة الهرير ".
ولم يكن موقفه هذا... وهو الالتزام بالكلمة المهذبة، والعمل بالهدى القرآني الرائد... خاصا بالذين حاربوه في صفين، أو في الجمل، والنهروان، وإنما هو ينسحب على مجمل مواقفه في حياته، صلوات الله وسلامه عليه، وعلى أبنائه الأئمة الميامين، الطيبين الطاهرين. مواقف الحسين (عليه السلام) في نفس الاتجاه كما أن من الواضح: أن أعظم مواجهة حادة تعرض لها الأئمة عليهم السلام ، وأشدها إثارة، هي تلك التي تعرض لها سيد شباب أهل الجنة، السبط الشهيد، الحسين بن علي صلوات الله وسلامه عليه، حينما قرر أن يواجه الطاغوت، وأن يقدم نفسه، وأبناءه، وأهل بيته، وأصحابه، في سبيل الله والمستضعفين...
فنجده عليه السلام حينما يريد أن يستدل لموقفه من يزيد الطاغية، ومن نظام حكمه، ذلك الموقف الذي يعرف بدقة نتائجه وآثاره، نجده لا يذكر يزيد بن معاوية، إلا بما عرف وشاع عنه، فيقول:
"... إنا أهل بيت النبوة، ومعدن الرسالة، ومختلف الملائكة، بنا فتح الله، وبنا يختم، ويزيد رجل شارب الخمور، وقاتل النفس المحترمة، معلن بالفسق، ومثلي لا يبايع مثله... ". (2)

١ - راجع: نهج البلاغة، بشرح محمد عبدة / ج ٢ / ص ٢٢١، وتذكرة الخواص / ص ١٥٤ / وصفين لنصر بن مزاحم / ص ١٠٣ / والأخبار الطوال / ص ١٦٥.
٢ - مقتل الحسين (ع): للمقرم / ص ١٣٩ عن مثير الأحزان لابن نما الحلي، والفتوح / لابن أعثم / ج 5 / ص 18.
(١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 ... » »»