المواسم والمراسم - السيد جعفر مرتضى - الصفحة ٢١
والظاهر هو أنه لا منافاة بين الأقوال السالفة، لإمكان أن يكون مرادهم أن صاحب أربل أول من أحدثه في أربل، وأولئك أول من أحدثه في القاهرة، وفي مصر، نعم... تبقى المنافاة بين ما تقدم نقله عن السيد رشيد رضا، وما نقل عن غيره. حول أول من أحدثه في مصر.
كما أن من الممكن أن يقصد البعض: أن حاكم أربل أول من احتفل بالمولد احتفالا عظيما، وبهذه الصورة الخاصة، التي كانت تكلفه عشرا ت بل مئات الألوف من الدنانير، حسبما صرحوا به.
ومهما يكن من أمر... فإن الاهتمام بالمولد، كان أسبق من التواريخ المتقدمة حيث نجدهم يقولون: كان ازدياد التعظيم للنبي عليه السلام بين أهل الصلاح والورع سببا في أن صار يحتفل بمولده عام 300 ه‍، وكان ذلك بدعة في نظر المتمسكين بالعادات الإسلامية الأولى.
ويحكى عن الكرجي (المتوفى عام 343 - 954 م) وكان من الزهاد المتعبدين: أنه كان لا يفطر إلا في العيدين، وفي يوم مولد النبي عليه السلام... " (1). وقال السخاوي: " لم يفعله أحد من السلف في القرون الثلاثة وإنما حدث بعد " (2).
أما نحن فنقول: إن الاهتمام بالمناسبات والمواسم قد بدأ من عهد النبي صلى الله عليه وآله، ومن شخص رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، حسبما سيأتي بيانه في موضعه إن شاء الله تعالى.... المولد عيد عند البعض، وما يفعل فيه قال القسطلاني: "... ولا زال أهل الإسلام يحتفلون بشهر مولده عليه السلام، ويعملون الولائم، ويتصدقون في لياليه بأنواع الصدقات، ويظهرون السر ويزيدون في المبرات ويعتنون بقراءة مولده الكريم، ويظهر عليهم من بركاته كل فضل عميم ".
إلى أن قال: " فرحم الله أمرء اتخذ ليالي شهر مولده المبارك أعيادا،

1 - الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري / ج 2 / ص 298.
2 - السيرة الحلبية / ج 1 ص 83 و 84 وراجع السيرة النبوية لدحلان / ج 1 ص 24.
(٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 15 16 17 19 20 21 22 23 24 25 26 ... » »»