الغيبة - الشيخ محمد رضا الجعفري - ج ١ - الصفحة ١٧
﴿هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو المشركون﴾ (1).
مفهوم الآية واضح، (هو الذي)، هذا كله تأكيد، (أرسل رسوله)، فلو قال سبحانه وتعالى: الله أرسل رسوله، كان أوجز، لكن هنا (هو الذي أرسل رسوله)، يعني أن الذي أرسل عليه لحكمته وعلمه وموقع رسوله هذا وموقع شريعته هذه التي جاء بها رسوله هذا، يقتضي أن يكون هو الذي يظهر هذا الدين على الدين كله ولو كره المشركون.
وهنا نكتة أشير إليها، وهي قوله تعالى: (بالهدى ودين الحق)، فالله سبحانه وتعالى أرسل رسله السابقين على رسولنا محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) بالهدى ودين الحق، فلماذا سبحانه وتعالى يصف دينه هذا ورسوله هذا أنه أرسله بالهدى ودين الحق؟ والموجز في الجواب أن الأديان السابقة لم تكن هادية هداية عامة لجميع الخلق بالقياس إلى الهداية التي جاء بها نبينا (صلى الله عليه وآله وسلم)، لا لأنها ناقصة، بل لأنها تهدي الإنسانية في فترة قصيرة جدا من عمرها الطويل، فتلك لا تقاس بالنسبة إلى الهداية التي جاء بها نبينا (صلى الله عليه وآله وسلم)، وذلك على ما يقولون: الفرد الأكمل الأبرز الأوضح للهدى الذي جاء به نبينا (صلى الله عليه وآله وسلم)، وهكذا دين الحق، لماذا؟ لأن هذا الدين دين شرعه الله سبحانه وتعالى للبشرية إلى آخر أيام حياتها على ظهر هذا الكوكب، كم تطول؟ لا نعلم، كم ألوف من السنن؟ لا نعلم، كم عصور تتوالى عليها، نعلم، ولكننا نعلم شيئا واحدا: أن البشرية إن كانت قد اكتملت واكتسبت ما فيه كمالها، سواء أكان هذا الكمال من

(١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 ... » »»
الفهرست