الدعاء حقيقته ، آدابه ، آثاره - مركز الرسالة - الصفحة ٦
وسلطانه الذي لا يشركه فيه أحد، والتذلل إليه المعبر عن يقين المرء بحاجته إلى من بيده ملكوت السماوات والأرض، الذي لا معطي لما منع، ولا مانع لما أعطى، ولا دافع لما قدر إلا هو.
ولا تتجلى هذه المعاني في شئ مثل تجليها في الدعاء، فهو أفضل وسيلة إذن للتعبير عنها وامتثالها وجدانا وسلوكا، حاضرا ومستقبلا، إنها الحالة التي تتجلى فيها العبودية في أروع صورها وأتمها، فلا غرابة في أن تكون هي أحب حالات العبد إلى الله تعالى، ففي حديث أمير المؤمنين (عليه السلام): (أحب الأعمال إلى الله عز وجل في الأرض الدعاء).
وإذا كانت الشريعة السمحة قد عنيت بأمر من الأمور إلى هذا الحد، فلا بد أن تضع للناس آدابه وشرائطه التي بها يستكمل صورته ويؤتي أكله، وهكذا كان شأن هذه الشريعة السمحة والمحجة البيضاء مع الدعاء، فعرفت الناس بآدابه، والتي في مقدمتها الصدق والاخلاص في التوجه إلى الله تعالى، والثقة به، واليقين بأنه سميع مجيب، وحسن التأدب بين يديه بأدب العبد الخاضع الذي يرجو نظرة ربه ولطفه ورحمته.. كما عرفتهم بشروطه التي بها يكون دعاء صحيحا ترجى من ورائه أحسن الآثار العاجلة منها والآجلة، وبدونها سيكون لغوا كسائر ما يهذر به بعض الناس في ساعات التسامح واللامبالاة.
وهذا الكتاب الذي يقدمه مركز الرسالة لقرائه الكرام ضمن (سلسلة المعارف الإسلامية) سينفتح على كل هذه الآفاق بالتعريف الوافي، ضمن السياق الروحي والتربوي الذي لا غنى للإنسان عنه.
والله من وراء القصد وهو الهادي إلى سبيل الرشاد مركز الرسالة
(٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 2 3 5 6 7 8 9 10 11 12 ... » »»