الدعاء حقيقته ، آدابه ، آثاره - مركز الرسالة - الصفحة ٤٨
حباها إياه مولاه، وأن يبسط يد الرجاء معاودا الدعاء لما فيه من الأجر الكريم والثواب الجزيل.
جاء في وصية الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) لابنه الإمام الحسن (عليه السلام): (فلا يقنطك إبطاء إجابته، فإن العطية على قدر النية، وربما أخرت عنك الإجابة ليكون ذلك أعظم لأجر السائل، وأجزل لعطاء الآمل، وربما سألت الشئ فلا تؤتاه وأوتيت خيرا منه عاجلا أو آجلا، أو صرف عنك لما هو خير لك، فلرب أمر قد طلبته فيه هلاك دينك لو أوتيته) (1).
23 - الالحاح بالدعاء:
وعلى الداعي أن يواظب على الدعاء والمسألة في حال الإجابة وعدمها، لأن ترك الدعاء مع الإجابة من الجفاء الذي ذمه تعالى في محكم كتابه بقوله: * (وإذا مس الإنسان ضر دعا ربه منيبا إليه ثم إذا خوله نعمة منه نسي ما كان يدعو إليه من قبل) * (2).
وقال أمير المؤمنين (عليه السلام) لرجل يعظه: (لا تكن ممن... إن أصابه بلاء دعا مضطرا، وإن ناله رخاء أعرض مغترا) (3).
أما في حال تأخر الإجابة فيجب معاودة الدعاء وملازمة المسألة، لفضيلة الدعاء في كونه مخ العبادة، ولأنه سلاح المؤمن الذي يقيه شر أعدائه من الشيطان وحب الدنيا وهوى النفس والنفس الأمارة، ولربما كان تأخير الإجابة لمصالح لا يعلمها إلا من يعلم السر وأخفى، فيكون

(١) نهج البلاغة، الكتاب (٣١).
(٢) سورة الزمر: ٣٩ / 8.
(3) نهج البلاغة، الحكمة (150).
(٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 ... » »»