الإيمان والكفر - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ١٤
ظل معاجز موسى بأنه مبعوث من الله سبحانه، ولكنهم جحدوا بآيات الله فصاروا من الكافرين.
نعم هناك نكتة، وهي: أن الآية لا تقوم بنفي كفاية التصديق القلبي في تحقق الإيمان إذا لم يقترن مع الجحد، وإنما تثبت عدم كفايته إذا اقترن به، فلا بد في إثبات عدم كفاية الأول من التماس دليل آخر.
ثم إن لابن حزم الظاهري (ت 456 ه‍) كلاما في المقام استشكل به على المستدل، وذلك بوجهين:
الأول: إن الإيمان في اللغة ليس هو التصديق، لأنه لا يسمى التصديق بالقلب دون التصديق باللسان إيمانا في لغة العرب، وما قال - قط - عربي إن من صدق شيئا بقلبه فأعلن التكذيب بلسانه أنه يسمى مصدقا به، ولا مؤمنا به، وكذلك ما سمي - قط - التصديق باللسان دون التصديق بالقلب إيمانا بلغة العرب.
يلاحظ عليه: أن ما ذكره يثبت عدم كفاية التصديق مع التكذيب باللسان، وأما عدم كفاية التصديق مع عدم التكذيب فلا تثبته الآية ولا كلام العرب كما عرفت، ولأجل ذلك قلنا: لا بد في إثبات عدم كفاية ذلك القسم من التماس دليل آخر.
الثاني: لو كان ما قاله صحيحا لوجب أن يطلق اسم الإيمان لكل من صدق بشئ مؤمنا، ولكان من صدق باطنية الحلاج والمسيح والأوثان مؤمنين لأنهم مصدقون بما صدقوا به (1).

1. ابن حزم الفصل: 3 / 190.
(١٤)
مفاتيح البحث: يوم عرفة (1)، التصديق (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 ... » »»