الإيمان والكفر - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ١١
وقال نصير الدين الطوسي: والإيمان: التصديق بالقلب واللسان، ولا يكفي الأول لقوله تعالى: * (واستيقنتها أنفسهم) * ونحوه، ولا الثاني لقوله: * (قل لم تؤمنوا) * واختاره العلامة الحلي في شرحه لكلام المحقق الطوسي (1).
وهو خيرة المحقق الطوسي في الفصول النصيرية (2) والفاضل المقداد في إرشاد الطالبين (3) ونقله المجلسي عن بعض المحققين وقال: إنه عرفه بقوله: هو التسليم لله تعالى والتصديق بما جاء به النبي لسانا وقلبا على بصيرة (4).
نعم، فسره الطبرسي في تفسيره بالمعرفة وقال: أصل الإيمان هو المعرفة بالله وبرسوله وبجميع ما جاءت به رسله، وكل عارف بشئ فهو مصدق له (5).
ونسبه الشهيد الثاني إلى أصحابنا (6).
ولكنه تفسير له بالمبدأ فإن التصديق القلبي فرع المعرفة فكل مصدق، عارف بما يصدقه ولا عكس، إذ ربما يعرف ولا يصدق قال سبحانه: * (الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم) * (البقرة - 146) ومع العرفان ما كانوا مؤمنين.
والفرق بين التصديق والمعرفة واضح، لأن في الأول سكون النفس وهو كسبي اختياري يؤمر به ويثاب عليه، والمعرفة ربما تحصل بلا كسب والفرق بينهما كالفرق بين الإيمان والعلم، فلو كان التصديق ملازما للتسليم فهو، وإلا يشترط فيه وراء التصديق: التسليم، لقوله سبحانه: * (فلا وربك لا يؤمنون حتى

١. العلامة الحلي: كشف المراد: ٤٢٦.
٢. نقله العلامة المجلسي عنه في البحار: ٦٩ / ١٣١، وقال: إن الإيمان هو التصديق القلبي مذهب جمع من متقدمي الإمامية ومتأخريهم ومنهم المحقق الطوسي في فصوله.
٣. الفاضل المقداد: إرشاد الطالبين: ٤٤٢.
٤. المجلسي: البحار: ٦٨ / ٢٩٦.
٥. الطبرسي: مجمع البيان: ١ / ٨٩.
٦. زين الدين العاملي في رسالة حقائق الإيمان وهو فسره لغة بالتصديق، لاحظ البحار: 69 / 131.
(١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 5 6 7 9 10 11 12 13 14 15 16 ... » »»