كتاب الألفين - العلامة الحلي - الصفحة ٥٧
في الحادثة واحد وقد أمر المكلف بإصابته بوساطة النظر في الأدلة التي نصبها الله تعالى وجعلها علامة عليه، فإنها لا بد أن تكون موصلة إليه لامتناع تكليف ما لا يطاق، ولم يجعل الله تعالى حكم تلك الحادثة منوطا باختيار المكلف، بخلاف الإمامة عندكم فإنها موقوفة على اختيار العامة فلهم أن ينصبوا من أرادوا ويعزلوا من أرادوا.
الوجه العشرون: ولاية الإمام أعظم الولايات، فإذا لم تثبت هذه الولاية للعامة ولا للخاصة، فكيف يملكون إثباتها لغيرهم؟ لا يقال: المثبت لولاية الإمام هو الله تعالى، فإن الإمام إذا أمر غيره أن يولي أميرا فولاه فإنه يكون مضافا إلى الإمام دون من ولاه، لأنا نقول: إذا سلمتم إن الولاية من الله تعالى ارتفع النزاع على إنكم لا تذهبون إلى ذلك، بلى تجعلون الأمر مفوضا إلى اختيارنا، وليس إذا وجبت علينا إقامة الرئيس فاخترنا نحن من شئنا ولاية ولا يخرج بذلك نصب الإمام عن استناده إلينا.
الوجه الحادي والعشرون: الإمام خليفة الله تعالى ورسوله فلو ثبتت إمامته بالاختيار لما كان خليفة لهما، لأنهما لم يستخلفاه، ولا يجوز أن يكون خليفة للأمة لقول الكل إنه خليفة الله تعالى ورسوله، وهذا يبطل الاختيار، لا يقال: إنه خليفة الله عند اختيارهم على ما بيناه. لأنا نقول: كيف يكون خليفة الله ولم ينص الله عليه بل جعله مفوضا إلى اختيارنا؟ ولو كان بسبب ذلك خليفة الله لجاز أن يبعث الله نبيا ويجعل الأحكام مستندة إلى اختيارنا وتكون بسبب ذلك مستندة إليه تعالى وهو باطل قطعا.
الوجه الثاني والعشرون: كيف يجوز من النبي صلى الله عليه وآله أن يفوض أعظم الأمور إلى غيره وهو تولية الإمام مع علو مرتبة هذا الأمر؟ فإن أعظم المراتب هو النبوة والإمام نائب عنه، وحاكم كحكمه، ووال كولايته، ولا يتولى الولاية بنفسه، فكيف يهمل ذلك؟ وهذا يبطل العقد بالاختيار ويوجب إثبات النص، لا يقال: جاز أن تكون المصلحة شرعا في أن يفوض عليه السلام اختيار الأئمة إلى غيره: لأنا نقول: نعلم انتفاء المصلحة في ذلك بل ثبوت مفاسد كثيرة ولو جاز ذلك جاز أن يعلم الله تعالى أن تكون
(٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 ... » »»
الفهرست