القول المبين عن وجوب مسح الرجلين - الكراجكي - الصفحة ٢٧
تخالف مسحا مجازا واستعارة، وليس هو على الحقيقة، ولا يجوز لنا أن نصرف كلام الله تعالى عن حقائق ظاهرة إلا بحجة صارفة.
فإن قال: ما تنكرون من أن يكون جر الأرجل في القراءة إنما هو لأجل المجاورة لا للنسق، فإن العرب قد تعرب الاسم بإعراب ما جاوره، كقولهم: جحر ضبي خرب، فجروا خربا لمجاورته لضب، وإن كان في الحقيقة صفة للحجر لا للضب.
فتكون كذلك الأرجل، إنما جرت لمجاورتها في الذكر لمجرور وهو الرؤوس، قال امرؤ القيس (30):
كأن ثبيرا في عرانين وبله * كبير أناس في بجاد مزمل (31) فجر مرملا لمجاورته لبجاد، وإن كان من صفات الكبير، لا من صفات البجاد، فتكون الأرجل على هذا مغسولة، وإن كانت مجرورة.
قلنا: هذا باطل من وجوه:

(30) امرؤ القيس بن حجر بن الحارث، أشهر شعراء العرب، يماني الأصل، نجدي المولد، من شعراء المعلقات، توفي في سنة 80 ق ه‍.
طبقات فحول الشعراء 52: 1 و 82، خزانة الأدب 329: 1، شرح ابن أبي الحديد 244: 9.
(31) المعنى العام للبيت: كأن ثبيرا في أوائل مطر هذا السحاب سيد أناس، قد تلفف بكساء مخطط، شبه تغطيته بالغثاء بتغطي هذا الرجل بالكساء، وقد جر مزمل صفة لكبير، وكان حقها الرفع، وإنما خفض لمجاورته لبجاد عند بعض العلماء، ولا ناس عند بعضهم وهو المرجح، وقال أبو علي الفارسي: إنه ليس على الخفض بالجوار، بل جعل مزملا صفة حقيقية لبجاد، قال:
لأنه أراد مزمل فيه ثم حذف حرف الجر فارتفع الضمير واستتر في اسم المفعول، كما أن الأقواء جار على ألسنتهم، فيمكن أن يكون حرف الروي مرفوعا وجر إقواء، كما قال النابغة الذبياني:
زغم البوارح أن رحلتنا غدا * وبذاك حدثنا الغراب الأسود لا مرحبا بغد ولا أهلا به * إن كان توديع الأحبة في غد مغني اللبيب 669: 2 و 895، ديوان امرئ القيس: 62، المعلقات العشر:
92، خزانة الأدب 98: 5، لسان العرب 177: 12.
(٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 ... » »»
الفهرست