الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٤ - الصفحة ١٨٢
الاعتقاد فيه أنه أمر برجمها مع العلم بجنونها يقول متبرئا عن الشبهة: ما علمت بجنونها، ولست ممن يذهب عليه أن المجنون لا يرجم واستعظامه لما أمر به (1) وقوله: " لولا علي لهلك عمر " يدل على أنه كان تأثم وتحرج بوقوع الأمر بالرجم، وأنه مما لا يجوز ولا يحل له أن يأمر به، وإلا فلا معنى لهذا الكلام.
أما ذكره الغم، فأي غم كان يلحقه إذا فعل ما له أن يفعله! ولم يكن منه تقصير ولا تفريط، لأنه إذا كان جنونها لم يعلم به، وكانت المسألة عن حالها والبحث لا يجبان عليه، فأي وجه لتألمه وتوجعه، واستعظامه لما فعله! وهل هذا إلا كرجم المشهود عليه بالزنا في أنه لو ظهر للإمام بعد ذلك براءة ساحته (2) لم يجب أن يندم على فعله ويستعظمه، لأنه وقع صوابا مستحقا.
فأما قوله: (كان لا يمتنع في العقل أن يقام على المجنون الحد) وتأوله الخبر المروي بما يقتضي زوال التكليف دون الأحكام، فإن أراد أنه لا يمتنع في العقل (3) أن يقام على المجنون ما هو من جنس الحد بغير استخفاف ولا إهانة فذلك صحيح، كما يقام على التائب، وأما الحد في الحقيقة فهو الذي يضامه (4) الاستخفاف والإهانة فلا يقام إلا على المكلفين ومستحقي العقاب، وبالجنون قد زال التكليف فزال استحقاق العقاب الذي يتبعه الحد.

(1) ش " فلما رأيناه استعظم ما أمر به " (2) غ " سابقة ".
(3) الشرع خ ل.
(4) يضامه: أي يضم إليه.
(١٨٢)
مفاتيح البحث: الزنا (1)، الجواز (1)، الرجم (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 177 178 179 180 181 182 183 184 185 186 187 ... » »»