الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٤ - الصفحة ١٧٧
(وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا) على أن ذلك لا يكون في المستقبل بعد الوفاة! وكيف لم يخطر هذا لعمر وحده، ومعلوم أن ضعف الشبهة إنما يكون من ضعف الفكرة، وقلة التأمل والبصيرة! وكيف لم يوقن بموته لما رأى ما عليه أهل الاسلام من اعتقاد موته، وما ركبهم من الحزن والكآبة لفقده، وهلا دفع بهذا اليقين ذلك التأويل البعيد، فلم يحتج إلى موقف ومعرف، وقد كان يجب - إن كانت هذه شبهة - أن يقول في حال مرض الرسول صلى الله عليه وآله: وقد رأى من جزع أهله وأصحابه وخوفهم عليه الوفاة حتى يقول أسامة بن زيد معتذرا من تأخره (1) عن الخروج في الجيش الذي كان رسول الله صلى الله عليه وآله يكرر ويردد الأمر حينئذ بتنفيذه: لم أكن لأسأل عنك الركب، -: ما هذا الجزع والهلع وقد أمنكم الله بكذا وكذا من وجه كذا، وليس هذا من أحكام الكتاب التي يعذر من لا يعرفها على ما ظنه صاحب الكتاب.
فأما ما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام من خبر الاستحلاف في الأخبار، فقد بينا في صدر هذا الكتاب الكلام عليه، ودللنا على أنه غير مقتض لذهاب بعض الأخبار عليه من حيث يجوز أن يكون استحلافه ليرهب المخبر ويخوفه من الكذب على النبي صلى الله عليه وآله، لأن العلم بصحة الحكم الذي يتضمنه الخبر لا يقتضي صدق المخبر، وذكرنا أيضا أنه لا تاريخ لهذا الخبر، ويمكن أن يكون استحلافه عليه السلام في الأخبار (2) إنما كان في حياة الرسول صلى الله عليه وآله وفي تلك الحال لم يكن محيطا بجميع الأحكام (3).

(١) ش " من تباطئه ".
(٢) ش " الرواة ".
(٣) انظر شرح نهج البلاغة ج ٢ / 41 و 42 و ج 12 / 195 - 200.
(١٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 171 173 174 175 176 177 178 179 180 181 182 ... » »»