الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٤ - الصفحة ١٧٤
يموت وقد قال الله تعالى: (ليظهره على الدين كله) (1) وقال:
(وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا) (2) ولذلك نفى موته عليه السلام، لأنه حمل الآية على أنها خبر عن ذلك في حال حياته، حتى قال أبو بكر: إن الله قد وعده بذلك وسيفعله، وتلا عليه ما تلا فأيقن عند ذلك بموته، وإنما ظن أن موته يتأخر عن ذلك الوقت، لا أنه منع من موته.
ثم قال: " فإن قيل: فلم قال لأبي بكر عند قراءة الآية: كأني لم أسمعها ووصف نفسه بأنه أيقن بالوفاة! ".
وأجاب بأن قال: " لما كان الوجه في ظنه ما أزال أبو بكر فيه الشبهة جاز أن يتيقن ".
ثم سأل نفسه عن سبب يقينه فيما لا يعلم إلا بالمشاهدة.
وأجاب: " بأن قرينة الحال عند سماع الخبر أفادته اليقين، ولو لم يكن في ذلك إلا خبر أبي بكر، وادعاؤه لذلك والناس مجتمعون، لحصل اليقين، وقوله: كأني لم أقرأ هذه الآية، ولم أسمعها تنبيه عن ذهابه (3) عن الاستدلال بها لا أنه على الحقيقة لم يقرأها ولم يسمعها، ولا يجب فيمن ذهب عن بعض أحكام الكتاب أن يكون لا يعرف القرآن لأن ذلك لو دل لوجب أن لا يحفظ القرآن إلا من يعرف جميع أحكامه ".
ثم ذكر: " أن حفظ جميع القرآن غير واجب، ولا يقدح الاخلال به في الفضل ".
وحكي عن أبي علي: " أن أمير المؤمنين عليه السلام لم يحط علمه

(1) التوبة / 33.
(2) النور / 55.
(3) ش " على ذهوله ".
(١٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 168 169 170 171 173 174 175 176 177 178 179 ... » »»