مختصر أخبار شعراء الشيعة - المرزباني الخراساني - الصفحة ١٠٦
فأمر لي المأمون بخمسين ألف درهم. وأمر لي الرضا (ع) بمثلها فقلت: يا سيدي أريد أن تهب لي ثوبا يلي بدنك أتبرك به وأجعله كفنا فوهب لي قميصا ابتدله ومنشفة وقيل ومبطنة (1).
قال: وصلني الفضل بن سهل وحملني على برذون أصفر وكنت أسايره في يوم مطير وعليه ممطر خز سوسي وبرنس منه فأمر لي به ودعا بغيره وقال:
إنما آثرتك بذاك لأنه خير الممطرين، فأعطيت به ثمانين دينارا فلم تطب نفسي بيعه، وقضيت حوائجي، وكررت راجعا إلى العراق، فلما صرت ببعض الطريق خرج علينا أكراد يعرفون بالشادنجان فسلبوني وسلبوا القافلة وكان ذلك في يوم مطير فاعتزلت في قميص خلق قد بقي علي وكبر أسفي على الثوب والمنشفة التي وهبها لي الرضا (عليه السلام)، قال: وجعلت أحدث نفسي أنني أسألهم إياها فبينا أنا في غمرة الفكر إذ مر بي أحد الأكراد وتحته الأصفر الذي حملني عليه ابن سهل وعليه الممطر فوقف بالقرب مني فلما رأى نهاب القافلة أنشد:
أرى فيئهم في غيرهم متقسما * وأيديهم من فيئهم صفرات ثم بكى توجعا لأهل البيت (عليه السلام) واستمر في إنشاد القصيدة وهو يبكي فلما رأيت ذلك عجبت من لص كردي يتشيع وطمعت في القميص والمنشفة فدنوت منه وقلت: يا سيدي لمن هذا الشعر؟ فقال: ما أنت وذاك ويلك قلت: لي فيه سبب أخبرك به، قال: هذه القصيدة صاحبها أشهر من أن يجهل، قلت: من هو؟ قال: دعبل شاعر آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وجزاه الله خيرا، قلت: فإنا والله دعبل وهذه قصيدتي، فقال:
أتدري ما تقول؟ قلت: الأمر أشهر من ذلك سل من أحببت من أهل القافلة يخبرك بصحة قولي، قال: إذا والله لا يذهب أحد من القافلة خلال فما فوقه

(١٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 ... » »»
الفهرست