التحفة العسجدية - يحيى بن الحسين بن القاسم - الصفحة ٣٥
عليه تعالى شيئا قال تعالى: (وإن كنا لمبتلين) (1).
وقضت حكمته بأن جعل هذه الدار دار عمل واختبار، والآخرة دار جزاء على الأعمال.
وكذلك لا يلزم من مثال الطفل والكافر نقض الحكمة، لأنا وإن جهلنا وجه ذلك، فقد وصف نفسه تعالى بالحكمة والعلم.
ثم إنا نقول: أما المؤمن فيجوز أن الحكمة والغرض في تكليفه لأجل ما حصل له من الثواب العظيم.
والطفل اخترمه تفضلا منه، ولا نوجب عليه التفضل للكافر لان التفضل غير واجب، وتركه غير مخل بالحكمة، وأيضا الحكمة فيه الاختبار، ولو اخترم كل عاص، لما تمت الحكمة في الاختبار والجزاء على الأعمال.
ثم إن الأدلة قضت ان أفعاله لغرض صحيح، فلا نقصر الحكمة على ما فهمنا.
ونفيكم أن أفعاله لا لغرض رد لصريح القرآن قال تعالى: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) (2) وقال: (أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا) (3 ) (يريد الله ليبين لكم ويهديكم) (4) وقد هدى الكفار لكن لم يقبلوا (فأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى) (5) وقال

1 المؤمنون (43).
2 الذاريات (56).
3 المؤمنون (151).
4 النساء (26).
5 فصلت (17).
(٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 ... » »»