التحفة العسجدية - يحيى بن الحسين بن القاسم - الصفحة ٣٠
عباده، مع أنه قد أمر ونهى.
أجابت العدلية: انه تعالى لو أمر العاصي بالطاعة، والمراد منه فعل الفساد والعدوان على العباد لكان قد أراد القبيح، وترك إرادة الحسن، وذلك قبيح عقلا، فلا يصدر منه تعالى، وما ذكروه من لزوم كونه مغلوبا، والكافر والعاصي غالبين إنما يتم لو أراد ايقاعها منهم على اية حال طوعا أو كرها، لكن المعلوم ضرورة أنه لم يرد إلا ايقاعها منهم بالاختيار، فلا مغلوبية مع ارادتها باختيارهم.
وأما أنه لا يصبر على ذلك رئيس قرية.
فجوابه: أنه لا يحسن من الرئيس أمر غير انزال العقوبة بمن عصاه، والله سبحانه قد أعد للعصاة من العقاب ما أعده، و أيضا قال تعالى: (إن الله يحكم ما يريد) (1) فيلزمكم أن الكفر والفسق والزنا واللواط والظلم، وكل فحش محكم لان الله قد أراده، والآية ترد هذا، وقال تعالى: (ولا يرضى لعباده الكفر) (2) وقال تعالى: (وإن تشكروا يرضه لكم) (3) فصريح هذا يدل على أن ارادته من لوازم أمره، و أنه لا يأمر وينهى الا بما يريد، كيف وقد نعى الله سبحانه على المشركين مقالتهم: (لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا) فقال : (كذلك كذب الذين من قبلهم حتى ذاقوا بأسنا قل هل عنكم من

1 المائدة (1).
2 الزمر (2).
3 الزمر (2).
(٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 ... » »»