مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ٣ - الصفحة ٥٠
مما لم يقم إجماع ولا دليل على ما ينافيه إنتهى ملخصا أقول ما ذكره من ظهور الصحيحة نفي تعلق الزكاة بالمذكورات وصحة الاستدلال بالظاهر وعدم صلاحية نقل الاجماع بعد ثبوته لمعارضتها وجيه ولكن الغالب في المذكورات عدم كونها مرسلة في مرجها عامها إذ المراد بشاة اللبن على الظاهر ما يعزلها صاحب الغنم عن قطيعه التي يرسلها في مرجها عامها ويتركها في بيته للانتفاع بلبنها في مؤنة عياله والواردين عليه من الضيف ونحوه وهي لا تكون غالبا إلا معلوفة كما أن الأكيلة التي تعزل للاكل وتسمن لا تكون غالبا إلا كذلك بل فحل الضراب أيضا في الغالب ليس إلا كذلك وكذلك الربي التي تربى اثنين فلا محالة قد يرعيها المالك في الغالب ولو بعلفها في الليل فيمكن كون الصحيحة واردة مورد الغالب من عدم تحقق شرط الزكاة أي السوم محضا من غير كونه مشوبا بالعلف في المذكورات فيشكل حينئذ رفع اليد عن عمومات أدلة الزكاة بمثل هذا الاطلاق خصوصا بعد الالتفات إلى أن ثبوت الزكاة في مثل هذه الأصناف على تقدير كونها جامعة للشرائط أولى لكونها من خيار أمواله وأكثرها نفعا فكونها كذلك موجب لصرف الاطلاق إلى غيرها مما لا تكون جامعة للشرائط لو لم نقل بانصرافها في حد ذاتها إليه من حيث الغلبة فما ذهب إليه المشهور ومع أنه أحوط هو الأقوى ويجوز أن يدفع من غير غنم البلد وإن كان أدون قيمة سواء كان في زكاة الإبل أو الغنم لاطلاق أدلتها وفصل بينهما في المسالك فقال في شرح عبارة المصنف هذا أي جواز الاخراج من غير غنم البلد مع التساوي في القيمة أو كونها زكاة الإبل وإلا لم يجز إلا بالقيمة ولعل مبناه دعوى أن المنساق من قوله عليه السلام في أربعين شاة شاة إرادة واحدة من النصاب وإن الاجتزاء بدفع شاة من غير غنم البلد إنما هو من باب القيمة ولكن مقتضى ذلك اعتبار التساوي في القيمة حتى في غنم البلد إذا كانت خارجة من النصاب ولعله ملتزم بذلك وتخصيص الكلام بما إذا كان من غير البلد للجري مجرى الغالب من عدم زيادة قيمة جميع أجزاء النصاب من قيمة الافراد المتعارفة من سائر غنم البلد وكيف كان فهو ضعيف لما عرفت فيما سبق من إن ظاهر النصوص والفتاوى وقوع مطلق الشاة التي يأخذها المصدق مصداقا للفريضة الواجبة عليه لا خصوص ما هي أجزاء النصاب وكيف لا مع ذهاب المشهور إلى كفاية الجذع من الضأن في زكاة الغنم مع أنه يمتنع كونه من أجزاء النصاب بناء على المشهور من تفسيره بما كمل له سبعة أشهر ويجزي الذكر والأنثى سواء كان النصاب فحولا أو إناثا أو ملفقا لتناول الاسم أي اسم الشاة التي جعلت فريضة لهما على الاطلاق بمقتضى إطلاق دليلها فما عن الخلاف من أن من كان عنده أربعون شاة أنثى أخذ منه أنثى وفي الذكر يتخير وعن جامع المقاصد من أنه يتخير في الذكران أو في شاة الإبل لا مطلقا وعن المختلف من أنه يجوز دفع الذكر إذا كان بقيمة واحدة منها دون غيره ضعيف ودعوى أنه هو مقتضى قاعدة الشركة في العين قد عرفت ما فيها فيما مر كما أنك عرفت آنفا اندفاع ما قد يتوهم من أنه إذا كانت الجميع أنثى فلا يكون دفع الذكر إلا من باب القيمة فلا يكون مجزيا إلا إذا كان بقيمة واحدة منها فلا حظ. القول في زكاة الذهب والفضة: ولا تجب في الذهب حتى تبلغ عشرين دينارا أي مثقالا شرعيا في الجواهر بلا خلاف أجده فيه نصا وفتوى بل الاجماع بقسميه عليه والنصوص متواترة فيه فإذا بلغ عشرين ففيه نصف دينار وهو كما في المتن وغيره عشرة قراريط في القاموس القيراط والقراط بكسرهما يختلف وزنه بحسب البلاد فبمكة ربع سدس دينار وبالعراق نصف عشره فما في المتن وغيره بل الشايع في عرف الفقهاء من التعبير عن نصف دينار بعشرة قراريط وعن عشره بقيراطين منزل على ما بالعراق ثم ليس في الزائد شئ حتى تبلغ أربعة دنانير ففيها قيراطان ولا زكاة فيما دون عشرين مثقالا ولا فيما دون أربعة دنانير ثم كلما زاد المال أربعة ففيه قيراطان بالغا ما بلغ وقيل لا زكاة في العين أي المذكورة حتى تبلغ أربعين دينارا ففيه دينار وقد نسب في المعتبر على ما حكى عنه هذا القول إلى ابني بابويه وجماعة وعن الخلاف نسبته إلى قوم من أصحابنا والقول الأول أشهر فتوى ورواية بل هو المشهور كما ادعاه غير واحد بل عن غير واحد دعوى الاجماع عليه أو نفي الخلاف ويدل عليه أخبار كثيرة منها ما عن الكليني في الصحيح عن الحسين بن يسار قال سئلت أبا الحسن عليه السلام في كم وضع رسول الله صلى الله عليه وآله الزكاة فقال في كل مأتي درهم خمسة دراهم فان نقصت فلا زكاة فيها وفي الذهب في كل عشرين دينارا نصف دينار فان نقص فلا زكاة فيها وفي الموثق عن علي بن عقبة وعدة من أصحابنا عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليه السلام قالا ليس فيما دون العشرين مثقالا من الذهب شئ فإذا كملت عشرين مثقالا ففيها نصف مثقال إلى أربعة وعشرين وإذا كملت أربعة وعشرين ففيها ثلاثة أخماس دينار إلى ثمانية وعشرين فعلى هذا الحساب كلما زاد أربعة وعنهم بأسناده عن أبي عيينة عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا جازت الزكاة العشرين دينارا ففي كل أربعة دنانير عشر دينار وعن الشيخ في الصحيح عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال سئلت أبا الحسن عليه السلام عما أخرج من المعدن من قليل أو كثير هل فيه شئ قال ليس فيه شئ حتى يكون في مثله الزكاة عشرين دينارا وعنه في الموثق عن يحيى بن أبي العلا عن أبي عبد الله عليه السلام قال في عشرين دينارا نصف دينار وعنه أيضا في الموثق عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال في الذهب إذا بلغ عشرين دينارا ففيه نصف دينار وليس فيما دون العشرين شئ وفي الفضة إذا بلغت مأتي درهم خمسة دراهم وليس فيما دون المأتين شئ فإذا زادت تسعة وثلاثون على المأتين فليس فيها شئ حتى تبلغ الأربعين وليس في شئ من الكسور شئ حتى تبلغ الأربعين وكذلك الدنانير على هذا الحساب وعنه أيضا في الموثق عن زرارة وبكير إنهما سمعا أبا جعفر عليه السلام يقول في الزكاة أما في الذهب فليس في أقل من عشرين دينارا شئ فإذا بلغت عشرين دينارا ففيه نصف دينار وليس في أقل من مأتي درهم شئ فإذا بلغ مأتي درهم ففيها خمسة دراهم فما زاد فبحساب ذلك وليس في مأتي درهم وأربعين درهما غير درهم إلا خمسة دراهم فإذا بلغت أربعين ومأتي درهم ففيها ستة دراهم فإذا بلغت ثمانين ومأتي درهم ففيها سبعة دراهم وما زاد فعلى هذا الحساب وكذلك الذهب الحديث ويدل عليه أيضا صحيحة الحلبي قال وسئل أبو عبد الله عليه السلام عن الذهب والفضة ما أقل ما يكون فيه الزكاة قال مأتا درهم وعدلها من الذهب وصحيحة محمد بن مسلم أو حسنته قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن الذهب كم من الزكاة فقال إذا بلغ قيمته مأتي درهم فعليه الزكاة فإن قيمة مأتي درهم في صدر الشريعة عشرون دينارا على ما نص عليه الأصحاب وشهدت به الآثار ولذلك خير الشارع في باب الديات والجنايات بينهما وجعلهما على حد سواء إلى غير ذلك ويدل عليه أيضا غير ذلك من
(٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 ... » »»