تقريرات آية الله المجدد الشيرازي - المولى علي الروزدري - ج ٣ - الصفحة ٥٧
النهي قد ارتفع، ومعه لا عصيان، فلم يعص في ارتكاب ذلك المحرم من وجه، وهو خلاف الضرورة من دين سيد المرسلين صلى الله عليه وآله الطاهرين -.
والحاصل: أن مخالفة النهي في غير ذوات الأسباب تقارن وجود النهي وفيها لا يعقل تقارنها له - كما عرفت - بل إنما تقع بعد ارتفاعه، فإذا ثبت أن ارتكاب الفعل في الزمن الثاني عصيان لذلك النهي السابق فلا يعقل تعلق الأمر به في الزمن الثاني، لما مر من امتناع تعلق الإرادة والكراهة بشيء واحد.
هذا كله مع فرض كون التكليف السابق هو النهي.
وأما إذا كان هو الأمر فقد علم مما حققنا امتناع اجتماعه مع النهي اللاحق أيضا.
ثم هذا الذي ذكرنا إنما هو على أول الشقين من الشق الأول من شقي الوجه الثاني.
وأما على ثانيهما: فالوجه جواز الاجتماع، وذلك لأن المفروض فيه عدم ارتكاب المكلف لما يوجب اضطراره إلى مخالفة التكليف السابق، فيكون ارتفاعه حال قدرته على امتثاله، والارتفاع - حينئذ - لا يعقل (1) إلا على نحو البداء الحقيقي الذي لا يجوز في حقه تعالى، أو المجازي الذي هو النسخ، ومن المعلوم أنه بكلا قسميه إبطال للتكليف السابق، ومعه لا يؤثر في كون الإتيان بالفعل أو تركه بعد ارتفاعه معصية له، فلا مانع من توجه الطلب المناقض للطلب السابق المرتفع على هذا الوجه، وامتناع الاجتماع على الشق الأول من ذينك الشقين أيضا مبني على عدم ارتفاع التكليف السابق على هذا الوجه، وأما معه فلا مانع من الاجتماع فيه أيضا.

(1) وذلك لأن ارتفاع كل تكليف إما بامتثاله أو بمخالفته، والمفروض عدمهما، وإما برفعه على نحو البداء على أحد الوجهين فيه، ولما كان ارتفاعه على نحو البداء الحقيقي ممتنعا في حقه تعالى، فيتعين أن يكون بالنسخ، فيبطل ذلك الطلب به، فلا يقتضي ما ذكر. لمحرره عفا الله عنه.
(٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 اجتماع الأمر والنهي 5
2 مسألة دلالة النهي على الفساد 69
3 في المفاهيم 135
4 في تداخل الأسباب 197
5 [في القطع] 221
6 في المراد من المكلف في عبارة الشيخ (ره) 221
7 في وجه حصر مجرى الأصول 227
8 في بيان المراد من الحجة في باب الأدلة الشرعية 235
9 في القطع الموضوعي والطريقي 247
10 في تصوير وجوه مخالفة القطع 271
11 في حكم التجري 273
12 في وجه قبح التجري 281
13 محاكمة الأخباري في عدم اعتماده على بعض أقسام القطع 301
14 في قطع القطاع 307
15 في أن المعلوم إجمالا كالمعلوم تفصيلا 312
16 في كفاية الموافقة الإجمالية وعدمها 313
17 في كفاية الموافقة الإجمالية في العبادات وعدمها 322
18 في لزوم مراعاة مراتب الامتثال 346
19 في إمكان التعبد بالظن وعدمه 351
20 في وجوه استحالة التعبد بالظن وأجوبتها 353
21 في تصوير مصلحة السلوك وغيره في حل الإشكال 359
22 في تصوير الإشكال من ناحية المكلف والمكلف والجواب عنه 363
23 في تصوير الانحلال في التعبد بالظن على مسلك السلوك 366
24 في أن الأمر بالسلوك مولوي أو إرشادي 367
25 في آثار الالتزام بمسلك السلوك 369
26 في وقوع التعبد بالظن 377