تقريرات آية الله المجدد الشيرازي - المولى علي الروزدري - ج ٣ - الصفحة ١١٨
الأمر فعلا، كما هي ليست ببعيدة، لا يجري في النهي الغيري المتعلق بالعبادات ما جرى في النفسي المتعلق بها من اقتضاء الفساد، فإن الغيري لا يوجب مبغوضية متعلقه ذاتا ولا صيرورته ذا مفسدة، فيمكن في متعلقه فرض مصلحة داعية للأمر لو لا المانع من توجهه، ومعها يقع الفعل عبادة، فيكون صحيحا إذا أتى بداعيها.
لا يقال: إنا لو بنينا على كفاية جهة الأمر - من دون توقف على نفسه - فهو إنما يجدي فيما إذا لم يكن هناك مانع آخر من انعقاد الفعل عبادة، ومن المعلوم أن كون الفعل عصيانا مانع منه، فإنه يمنع اجتماعه معه، وما نحن فيه كذلك، فإن فعل المنهي عنه الغيري إن لم نقل بوقوعه معصية بالنسبة إلى النهي الغيري، بناء على أنه لا يتحقق معصية ولا طاعة بالنسبة إلى التكاليف الغيرية نفسها، لكنه معصية لذلك التكليف الآخر النفسي، فإن ارتكاب ما يوجب فوت واجب أو ارتكاب حرام نحو من أنحاء مخالفة ذلك الواجب أو الحرام.
لأنا نقول: وقوعه معصية حقيقة لذلك التكليف ممنوع، بل إنما هو مخالفة حكمية له، لأن المخالفة حقيقة إنما تتحقق بترك الواجب أو فعل الحرام في وقت الفعل أو الترك، وأما قبله فلا، وإنما هو مجرد شيء مفض إلى المخالفة في وقتها، فافهم.
ثم إنك قد عرفت أن اقتضاء النهي الغيري للفساد في العبادات إنما هو لأجل منافاته للأمر وامتناعه معه، فمع فرض ثبوته ينتفي الأمر، فتنتفي الجهة المصححة للعبادة بناء على توقفها على الأمر، لكن هذا إنما هو فيما إذا كان الأمر المفروض في مرتبة ذلك النهي بمعنى اتحاد زمن امتثالهما وتنجز كل منهما على نحو الإطلاق، بأن يقول الشارع - مثلا -: (لا تفعل، وافعل)، وأما إذا كان مرتبا عليه ومعلقا على عصيانه فلا منافاة بينهما بوجه، فيجتمع معه، فيكون مصححا للعبادة، كأن يقول: لا تفعل ذلك الشيء لأجل أدائه إلى ذلك المحرم، وافعله على تقدير عصيانك لذلك المحرم.
(١١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 اجتماع الأمر والنهي 5
2 مسألة دلالة النهي على الفساد 69
3 في المفاهيم 135
4 في تداخل الأسباب 197
5 [في القطع] 221
6 في المراد من المكلف في عبارة الشيخ (ره) 221
7 في وجه حصر مجرى الأصول 227
8 في بيان المراد من الحجة في باب الأدلة الشرعية 235
9 في القطع الموضوعي والطريقي 247
10 في تصوير وجوه مخالفة القطع 271
11 في حكم التجري 273
12 في وجه قبح التجري 281
13 محاكمة الأخباري في عدم اعتماده على بعض أقسام القطع 301
14 في قطع القطاع 307
15 في أن المعلوم إجمالا كالمعلوم تفصيلا 312
16 في كفاية الموافقة الإجمالية وعدمها 313
17 في كفاية الموافقة الإجمالية في العبادات وعدمها 322
18 في لزوم مراعاة مراتب الامتثال 346
19 في إمكان التعبد بالظن وعدمه 351
20 في وجوه استحالة التعبد بالظن وأجوبتها 353
21 في تصوير مصلحة السلوك وغيره في حل الإشكال 359
22 في تصوير الإشكال من ناحية المكلف والمكلف والجواب عنه 363
23 في تصوير الانحلال في التعبد بالظن على مسلك السلوك 366
24 في أن الأمر بالسلوك مولوي أو إرشادي 367
25 في آثار الالتزام بمسلك السلوك 369
26 في وقوع التعبد بالظن 377