نشأة التشيع والشيعة - السيد محمد باقر الصدر - الصفحة ٢٤
بالشكل الذي يحمي الدعوة، ويضمن عدم الانحراف.
وهذا الاعتقاد لا مبرر له من الواقع إطلاقا، بل إن طبيعة الأشياء كانت تدل على خلافه، لان الدعوة - بحكم كونها عملا تغيير انقلابيا في بدايته، يستهدف بناء أمة واستئصال كل جذور الجاهلية منها - تتعرض لأكبر الاخطار إذا خلت الساحة من قائدها، وتركها دون أي تخطيط، فهناك:
أولا: الاخطار التي تنبع عن طبيعة مواجهة الفراغ دون أي تخطيط مسبق، وعن الضرورة الآنية لاتخاذ موقف مرتجل في ظل الصدمة العظيمة بفقد النبي، فإن الرسول (صلى الله عليه وآله) إذا ترك الساحة دون تخطيط لمصير الدعوة فسوف تواجه الأمة، ولأول مرة، مسؤولية التصرف بدون قائها تجاه أخطر مشاكل الدعوة، وهي لا تمتلك أي مفهوم سابق بهذا الصدد، وسوف يتطلب منها الموقف تصرفا سريعا آنيا على رغم خطورة المشكلة، لان الفراغ لا يمكن أن يستمر (9)، وسوف يكون هذا التصرف السريع في لحظة الصدمة التي تمنى بها الأمة، وهي تشعر بفقدها لقائدها الكبير، هذه الصدمة التي تزعزع بطبيعتها سير التفكير، وتبعث على الاضطراب حتى أنها جعلت

(9) أصبح معلوما أن شغور كرسي الرئاسة في الدولة يستتبع محاذير وأخطارا لا حصر لها، بالأخص إذا لم تكن ثمة ضوابط دستورية محددة واضحة لملئه بشكل عاجل. راجع النظريات السياسية الاسلامية / الدكتور الريس / ص 134.
(٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 17 19 21 22 23 24 25 26 27 28 29 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة