كتاب الطهارة (ط.ق) - الشيخ الأنصاري - ج ٢ - الصفحة ٢٧٧
انتحلوا الاسلام ويغسل المخالف فإنه مسلم على المشهور حتى بالنسبة إلى احكام ما بعد موته مما يتعلق بالمباشرة والمواصلة فيشمله عموم ما دل على وجوب تغسيل كل مسلم من الاجماع والنصوص مثل قوله (ع) اغسل كل الموتى الغريق وأكيل السبع الا من قتل بين الصفين و قوله (ع) غسل الميت واجب ونحو ذلك مضافا إلى عموم أدلة وجوب الصلاة على كل مسلم بضميمة عدم القول بالفصل وما دل على وجوب تجهيز الميت الذي قذفه البحر إلى الساحل ولا مخصص لها عدا ما يتخيل من الأخبار الواردة في بيان تعليل تغسيل الميت وان الوجه فيه هو تنظيف الميت وجعله أقرب إلى رحمة الله وأليق بشفاعة الملائكة أو انه تطهير للميت عن الجنابة الحادثة له عند الموت وأياما كان فلا يليق المخالف بشئ منهما وفيه ان ظاهر اخبار التعليل هو كون غسل المشروع عندنا كذلك وظاهر الأصحاب ان المخالف لا يجوز ان يغسل هذا الغسل بل يغسل غسله أي أهل الخلاف اللهم الا ان يقال إن ظاهر اخبار التعليل كون أصل غسل الميت كذلك فيدل على أنه لا يجب غسل غيره والا كان الجواب أخص من السؤال كما لا يخفى ويدفعه انصراف الغسل في اخبار التعليل سؤالا وجوابا إلى الغسل المتعارف عند الخاصة مضافا إلى أن ظاهرها رجوع الغلة إلى بيان المصلحة في ايجاب الغسل من حيث هو في أصل الشرع وهذه المصلحة مسلم الانتفاء في غسل أهل الخلاف لكن لا ينافي ذلك ايجابه بحكم الاجماع على كلية تغسيل المسلم وإن كان وجوب غسل المخالف لا من حيث إنه غسل بل من حيث كونها مداراة أو احتراما صوريا لأجل اظهار كلمتي الشهادة نعم لازم ذلك عدم جواز اثبات وجوب هذا الغسل بعمومات وجوب الغسل الثابت من حيث هو غسل لكنا في غنية عنها بل التمسك بها لا يخلوا عن المناقشة لان أقوى تلك العمومات والاطلاقات العام والاطلاق المتقدمان وكل منهما ممنوع الدلالة إما اطلاق الرواية الثانية فلانه في مقام بيان حكم الغسل بقول مهمل نظير قوله الصلاة الفلانية من الآيات أو الجمعة أو نحوها واجبة واما عموم الرواية الأولى فهو وإن كان لغويا الا انه لا يبعد ان يكون بشهادة تفصيل بعض افراده كالغريق وما بعده ثم استثناء الشهيد واردا في مقام تعميم الحكم لجميع أصناف الموتى المتغايرة من حيث أسباب الموت فكأنه بمنزلة قولك اغسل كل من مات بأي سبب كان الا بالقتل بين يدي الإمام (ع) فهو بالنسبة إلى افراد الميت المتغايرة بخصوصيات اخر غير سبب الموت كالمطلق كما تقول أحب كل لحم الا لحم البقرة وهذا غير بعيد بعد التأمل واما المناقشة في الاجماع و انعقاده على الكلية لمخالفة جماعة في المسألة فهى في غير محلها فان من خالف في المسألة كالشيخين وسلار والقاضي والحلى و نحوهم من جهة القول بكفرهم كما هو ظاهر بعض وصريح آخرين ثم لو سلمنا عدم ثبوت الاجماع على الكلية كفى في المسألة ما دل على أنه يجب المعاملة مع المخالف معاملة المسلمين المؤمنين في الأمور المتعلقة بالمعاشرة التي من أهمها ان لا يعامل مع موتاهم معاملة الكلاب وهذا واضح لمن لاحظ تلك الروايات ثم إن ايجاب هذه المعاملة إما من جهة المداراة معهم لدفع شرهم أو لجلب قلوبهم إلى الايمان كما قال (ع) كونوا دعاة إلينا بغير ألسنتكم واما من جهة احترام موتاهم لتلبسهم بصورة المسلم واما تعبد من جهة الاجماع وعلى اي تقدير فالواجب تغسيلهم على الوجه المقرر عندهم إذ به يحصل المداراة والاستمالة وبه يحصل احترامهم لان احترام كل ملة انما هو بما يكون احتراما عندهم وتغسيلهم غسل أهل الحق ليس كذلك نعم هو احترام عندنا من جهة انه ايصال خير ونفع أخروي إليهم لكنه غير مطلوب للشارع وكيف يطلب ايصال النفع الأخروي إلى من طلب لعنه والدعاء عليه بتضعيف العذاب حيا وميتا وجعله من أفضل الأعمال ومما ذكرنا ظهر الوجه فيما حكاه المحقق الثاني في حاشية الشرايع عن ظاهر الأصحاب ان الواجب هو تغسيلهم غسل أهل الخلاف وفى المدارك انه ربما كان مستندهم في ذلك قوله (ع) الزموهم بما الزموا بهم أنفسهم وكانه اخذه عن كلام جده في الروض في باب توجيه المخالف إلى القبلة من أنه غير واجب الزاما له بمذهبه كما يغسل غسل المخالف ويقتصر في الصلاة عليه على أربع تكبيرات وحكى الاقتصار على الأربع في الروض عن بعض الأصحاب معللا بالزامهم على مذهبهم لكن الرواية لا يخلوا عن قصور كما صرح به بعض ويؤيدها ما ورد في الرواية الفارقة بين دم العذرة ودم الحيض من قوله (ع) ارضوا لهم بما رضي الله لهم من الضلال واما ما ذكره ذلك المحقق وتبعه في لك؟ ان المغسل ان جهل غسلهم غسله غسلنا فلعل وجهه عمومات التغسيل خرج صورة القدرة على غسلهم ويمكن القول به أيضا على تقدير الاستناد في حكمهم إلى ما ذكرنا من وجوب المعاملة معهم معاملة المسلم مداراة أو احتراما لان تغسيلهم غسلنا وإن كان غير مناسب لحالهم إما عندهم من جهة الفساد واما عندنا فمن جهة الصحة والسداد الا انه خير من الترك المستلزم لعدم المداراة ولهتك حرمة صورة الاسلام ثم لو غسل غسلنا فالظاهر ترتب الآثار عليه من الطهارة وسقوط الغسل بمسه ولو غسل غسلهم فالظاهر أنه كذلك وفاقا لجامع المقاصد ولعله للامر به فكان كالبدل الصادر من شخص مجتهد أو مقلد بالنسبة إلى غيره المخالف له في كيفية الغسل واما تغسيلهم لموتاهم فلعله كذلك وان لم يقع عليه أمر من الله فيكون تغسيلهم كصلاتهم الموجبة
(٢٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « 275 276 277 278 279 280 281 282 283 284 285 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 في غسل الأموات 275
2 في وجوب توجيه الميت إلى القبلة عند الاحتضار 278
3 في كيفية غسل الميت 288
4 في كيفية تكفين الميت 296
5 في دفن الأموات 315
6 في مس الميت 318
7 في غسل الجمعة 321
8 في الأغسال المستحبة 325
9 في النجاسات 335
10 في البول والغائط 336
11 في المني من كل حيوان ذي نفس سائلة 338
12 في احكام الميتة 339
13 في احكام الدم المسفوح 344
14 في احكام الكلب والخنزير 346
15 في الكافر بجميع أقسامه 348
16 في حكم المخالف لأهل الحق 351
17 في المسكرات المائعة 359
18 في حكم الفقاع 367
19 في العفو عن الدم في ما دون الدرهم 373
20 في ما لا يتم الصلاة فيه 375
21 في بول الرضيع 378
22 فيما تجففه الشمس 381
23 فيما أحالته النار 382
24 في أن الأرض تطهر باطن النعل والقدم 383
25 في الانقلاب 385
26 في الاسلام 388
27 في انتقال النجاسة 390
28 في أواني الذهب والفضة 391
29 في ولوغ الكلب 394
30 في العدالة 402
31 في القضاء عن الميت 415
32 في المواسعة والمضايقة 424
33 في قاعدة من ملك شيئا ملك الاقرار به 447
34 في قاعدة نفي الضرر 452
35 كتاب الزكاة في شرائط وجوب الزكاة وأنه لا زكاة على الطفل 458
36 في أنه لا زكاة على المملوك 462
37 في أنه لا زكاة في المغصوب 464
38 في أنه لا زكاة في الوقف 465
39 في اعتبار البلوغ في زكاة النقدين 471
40 في أنه لا زكاة في مال العبد 472
41 الأقوال في ملكية العبد 475
42 في زكاة الدين 477
43 في اعتبار السوم في زكاة الأنعام 480
44 في حول السخال 483
45 في جواز اخراج القيمة عن العين في زكاة الغلات والنقدين 485
46 في زكاة مال التجارة 494
47 في شروط الزكاة في مال التجارة 495
48 في حرمة زكاة غير الهاشمي على الهاشمي 510
49 في متولي اخراج الزكاة 512
50 في حرمة نقل الزكاة من بلد إلى بلد آخر 513
51 في زكاة الفطرة 517
52 في وقت زكاة الفطرة 521
53 كتاب الخمس 525
54 في اختلاط مال الحلال بالحرام واحكامه 540
55 في بيان المراد بذي القربى 546
56 في الأنفال 553
57 كتاب الصوم وبيان معناه لغة وشرعا واحكامه وشرائط 572