للاستصحاب لا موافقة له ومما ذكر ظاهر ان كون استحالة الموضوع موجبة لزوال النجاسة مما لا ينبغي الخلاف فيه وان الخلاف الواقع بين الفقهاء من الخاصة والعامة في بعض الموارد راجع إلى ادعاء استحالة الموضوع وانكارها لا إلى كون استحالة الموضوع منشأ للحكم بطهارة المستحالة إليه ويشهد بما ذكرنا صريح عبارتي المعتبر والمنتهى حيث استدلا على عدم طهارة الأعيان النجسة بالاستحالة وعدم طهارة الخنزير إذا صار ملحا بوقوعه في المملحة في مقابل أبي حنيفة الذي لم ينسبوا الخلاف الا إليه بان النجاسة قائمة بالاجزاء فلا يرد بتغير الصفات فان صريح هذا الكلام هو منع ارتفاع موضوع النجاسة بالاستحالة فلم يتعلق الاستحالة بالموضوع فالمراد بالاستحالة التي أنكر المحقق والعلامة كونها مطهرة هي مجرد تبدل الشئ الخارجي من حال إلى حال أو من صورة نوعية إلى أخرى لا استحالة موضوع النجاسة ومحلها ومن هنا اتفق الكل على ما في شرح الروضة على طهارة العلقة بصيرورته حيوانا والماء النجس بصيرورته بولا لحيوان مأكول اللحم أو لبنا له والماء النجس نباتا فان الظاهر تسليم استحالة الموضوع في ذلك كله ولو باستكشاف ذلك من الأدلة الدالة على طهارة الأمور المذكورة المستحال إليها ومن هنا فرق الفاضلان بين صيرورة الخنزير ملحا في المملحة والعذرة ترابا فحكما بنجاسة الأول لعدم ثبوت رافع للنجاسة القائمة بذات الخنزير وبطهارة الثاني بقوله جعلت لي الأرض مسجدا وترابها طهورا فحينئذ ينحصر الكلام في موارد الخلاف في استحالة الموضوع وعدمها ولا ريب ان الاشكال فيه من جهة الاشكال في تعيين الموضوع والمحل للنجاسة والا فبعد تشخيص الموضوع ان علم بزواله فلا معنى لبقاء الحكم كما عرفت كمالا اشكال فيما لو علم بقائه ولو شك في بقائه رجع إلى أصالة البقاء إذا عرفت هذا فنقول مراد المحقق والعلامة من الاستدلال المتقدم على عدم طهارة الخنزير بصيرورته ملحا ان النجاسة كالطهارة من الصفات القائمة بجسم الخنزير كغيره من الأعيان النجسة وليستا كالمطلوبية والمبغوضية القائمتين بالفعل الفلاني بحيث يكون محلها نفس النوع نعم غاية الأمران يكون لخصوصية الخنزيرية مدخلية في قيام الصفة المذكورة بموضوعها المزبور والا فليس جزءا للموضوع لأن المفروض ان الموضوع هو الجسم الملموس الخارجي والخصوصية المذكورة ليست جزءا لها ومجرد المدخلية أعم من أن يكون في الحدوث فقط أو فيه وفى البقاء فمقتضى الاستصحاب بقاء النجاسة بعد زوال تلك الخصوصية كما اعترف في مع؟ صد؟ في رد ما ذكره فخر المحققين في ابتناء المسألة على استغناء الباقي عن المؤثر نعم لو كانت النجاسة والطهارة بأنفسهما من الأحكام الشرعية كان تعلقها بالأنواع على وجه تكون الصورة النوعية جزءا من الموضوع لكن الظاهر المتبادر عرفا كونها من قبيل الصفات القائمة بالجسم لكن ثبوتها موقوف على بيان الشارع والحكم الشرعي انما يترتب عليها ومن هنا يعلم أن ثبوت النجاسة العينية للنجاسات والنجاسة العرضية للجسم المتنجس على نسق واحد ومحلها الجسم الا ان الصورة النوعية الخاصة لها مدخلية في الأولى دون الثانية نعم لو كانت النجاسة من قبيل الحكم الشرعي أمكن الفرق بان الموضوع في الأول هو خصوص النوع وفى الثاني القدر المشترك بين نوعي المستحيل والمستحال إليه واما دعوى مدخلية الصورة النوعية في الموضوع على ما هو المحقق من تركب الجسم من الهيولي والصورة وابطال الجوهر الفرد والجزء الذي لا يتجزى فهى مدفوعة بان العرف لا يفهمون محل النجاسة الا الجسم الخارجي المركب من الأجزاء الخارجية ويعتقدون خروج الصورة عن الجسم الخارجي وكونها من الطوارى كما هو لازم مذهب جمهور المتكلمين في الجسم ولا يستصحبون نجاسة الكلب والخنزير بعد الموت حتى فيما لا روح فيه من اجزائهما وكذا طهارة الحيوانات الطاهرة بعد الموت لو لم يدل الدليل على نجاسة الميتة واماما ذكر سابقا من موارد الاتفاق على الطهارة فاما لأجل فهم العرف ارتفاع الموضوع واما من جهة ملاحظة نفس الموضوع كما في صيرورة العلقة انسانا واما لاستكشاف ذلك من أدلة طهارة المستحال إليه فان الشارع إذا قال بول الانسان نجس وبول الشاة طاهر فشرب شاة بول انسان فصار بولا لها فيكشف حكم الشارح؟ بطهارة بول الشاة على الاطلاق من أن بول الانسان نجس ما لم يصر بول شاة كما أن بول الشاة طاهر ما لم يصر بول انسان فافهم ثم إن المص؟ في المنتهى بعد ما اختار عدم طهارة الخنزير وشبهه بالاستحالة رجح طهارة الأعيان النجسة باستحالتها ترابا واستدل عليه بان الحكم معلق على الاسم يزول بزواله ولقوله صلى الله عليه وآله جعلت لي الأرض مسجدا وترابها طهورا والدليل الأول منه مناقض لما اختاره أولا من عدم طهارة الخنزير بالاستحالة ملحا الا ان يكون اعتماده على الدليل الثاني وذكر الأول لكونه معولا عليه عند غيره فيصير مؤبدا ولذا اقتصر المحقق في المعتبر في ترجيح الطهارة على الرواية وكيف كان فيما ذكره يحتاج إلى التأمل التام نظير ما ذكره الشهيد في حاشيته على القواعد من أن الاستحالة إذا فسرت بتغير الصورة النوعية فهى لم تحصل في الكلب الصائر ملحا في المملحة بخلاف ما إذا فسرت بتغير الحالة ومنها الانقلاب فإذا انقلب الخمر بنفسها خلا فلا خلاف نصا وفتوى؟ ولا اشكال في طهارتها وكذا لو طرح فيها شئ فصار خلا نسب الأول في المنتهى إلى علماء الاسلام والثاني
(٣٨٥)