الروضة المختارة (شرح القصائد العلويات السبع) - ابن أبي الحديد المعتزلي - الصفحة ١٢١
إذا اعتجرت قاني الشفوف فيا لها تباريح وجد في قلوب المغافر (1) تميل كما مال النزيف وتنثني * تثني منصور الكتيبة ظافر (2) لها محض ودي في الهوى وتحنني * وخالص إضماري وصفو سرائري فيا رب بغضها إلى كل عاشق * سواي وقبحها إلى كل ناظر وبغض إليها الناس غيري كما أرى * قبيحا سواها كل باد وحاضر فيا جنة فيها العذاب ولم أخف * حلول عذاب في الجنان النواضر (3) يعاقب في حسبانها غير مشرك * ويحرم من نعمائها غير كافر (4)

1 اعتجرت أي لبست المعجر وهو ثوب تلفه المرأة على رأسها والقاني الأحمر والشفوف جمع شف وهو الثوب الرقيق. والتباريح الشدائد. والمغافر جمع مغفر، قال الأصمعي هو زرد ينسج على قدر الرأس يلبس تحت القلنسوة، والمغفر الستر والمنادى في قوله فيا لها محذوف أي يا قوم احضروا لها واللام للمستغاث له وفتحت لاتصالها بالضمير، والمعنى أن هذه المرأة إذا وضعت الشفوف على رأسها حصل في قلوب المعافر التي هي على رؤوس الشجعان وجد عظيم كيف لم تكن هي الموضوعة على رأسها فقلوب المغافر أوساطها على هذا المعنى ولا يجوز أن يكون الكلام على تقدير حذف المضاف أي في قلوب أصحاب المغافر فعلى هذا يكون الكلام حقيقة على الأول والأول أجود.
2 النزيف السكران لأنه ينزف عقله، ومنه قوله تعالى " لا يصدعون عنها ولا ينزفون " أي لا يسكرون. والكتيبة الجيش.
3 النواضر جمع ناضرة وهي الحسناء الرائفة ومعنى الأبيات واضح.
4 الحسبان مصدر حسبت أحسب حسبانا بضم الحاء وفتحها وحسبا وحسابة أيضا والحساب الاسم ولما استعار لهذه المرأة لفظة الجنة لما فيها من اللذة جعل حالها معكوسة فجعل فيها العذاب وذلك بسبب قطيعتها وهجرها وجعلها تعاقب غير المشرك وهو الذي لم يحب معها أحدا وتحرم غير الكافر وهو الذي لم ينكر حقها.
(١٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 ... » »»
الفهرست