كتاب الفتوح - أحمد بن أعثم الكوفي - ج ٥ - الصفحة ٥١
دارها، فسلم عليها مسلم بن عقيل، فردت عليه السلام ثم قالت: ما حاجتك؟
قال: اسقيني شربة من الماء فقد بلغ (1) مني العطش، قال: فسقته حتى روى فجلس على بابها، فقالت: يا (2) عبد الله! ما لك جالس أما شربت؟ فقال: بلى و الله (3) ولكني ما لي بالكوفة منزل، وإني غريب قد خذلني من كنت أثق به، فهل لك في معروف تصطنعيه إلي فإني رجل من أهل بيت شرف وكرم، ومثلي من يكافئ بالإحسان. فقالت: وكيف ذلك؟ ومن أنت؟ فقال مسلم رحمه الله: خلي هذا الكلام وأدخليني منزلك عسى الله أن يكافئك غدا بالجنة. فقالت: يا عبد الله!
خبرني اسمك ولا تكتمني شيئا من أمرك، فإني أكره أن يدخل منزلي من قبل معرفة خبرك وهذه الفتنة قائمة، وهذا عبيد الله بن زياد بالكوفة. فقال لها مسلم بن عقيل:
إنك لو عرفتني حق المعرفة لأدخلتني (4) دارك. أنا مسلم بن عقيل بن أبي طالب!
فقالت المرأة: قم فادخل رحمك الله! فأدخلته منزلها (5) وجاءته بالمصباح وبالطعام فأبى أن يأكل.
فلم يكن بأسرع من [أن -] (6) جاء ابنها فلما أتى وجد أمه تكثر دخولها وخروجها إلى بيت هناك وهي باكية، فقال لها: يا أماه! إن أمرك يريبني لدخولك هذا البيت وخروجك منه باكية، ما قصتك؟ فقالت: يا ولداه! إني مخبرتك بشيء لا تفشه لأحد (7)، فقال لها: قولي ما أحببت، فقالت له: يا بني! إن مسلم بن عقيل في ذلك البيت وقد كان من قصته كذا وكذا. قال: فسكت الغلام ولم يقل شيئا، ثم أخذ مضجعه ونام.
فلما كان من الغد نادى عبيد الله بن زياد في الناس أن يجتمعوا، ثم خرج من القصر وأتى إلى المسجد الأعظم فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أيها

(1) بالأصل: أبلغ.
(2) بالأصل: يا أبا عبد الله.
(3) زيد في الطبري: قالت: فاذهب إلى أهلك، فسكت، ثم عادت فقالت مثل ذلك، فسكت، ثم قالت له: في الله، سبحان الله يا عبد الله، فمر إلى أهلك عافاك الله، فإنه لا يصلح لك الجلوس على بابي، ولا أحله لك.
(4) بالأصل: إنك لو عرفتيني حق المعرفة لأدخلتيني.
(5) الطبري: فأدخلته بيتا في دارها غير البيت الذي تكون فيه.
(6) سقطت من الأصل.
(7) زيد في الطبري: وأخذت عليه الأيمان، فحلف لها.
(٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (كتاب الضحاك بن قيس إلى يزيد بن معاوية) 5
2 ذكر كلام يزيد بن معاوية 9
3 ذكر الكتاب إلى أهل البيعة بأخذ البيعة 9
4 ذكر كتاب يزيد بن معاوية الوليد بن عتبة 18
5 ذكر وصية الحسين بن علي إلى أخيه محمد ابن الحنفية 20
6 ذكر وصية الحسين رضي الله عنه لأخيه محمد رضي الله عنه 21
7 ذكر أخبار الكوفة وما كان من كتبهم إلى الحسين بن علي رضي الله عنهما 27
8 ذكر الكتاب الأول إلى الحسين رضي الله عنه 27
9 ذكر الكتاب الثاني 29
10 ذكر كتاب الحسين بن علي إلى أهل الكوفة 30
11 ذكر خروج مسلم بن عقيل رضي الله عنه نحو العراق 32
12 ذكر نزول مسلم بن عقيل الكوفة واجتماع الشيعة إليه للبيعة 34
13 ذكر مسير عبيد الله بن زياد ونزوله الكوفة وما فعل بها 38
14 ذكر هانئ وعبيد الله بن زياد 45
15 ذكر مسلم بن عقيل رحمه الله وخروجه على عبيد الله بن زياد 49
16 ذكر دخول مسلم بن عقيل على عبيد الله بن زياد وما كان من كلامه وكيف قتل 55
17 ذكر هانئ بن عروة ومقتله بعد مسلم بن عقيل رحمهما الله تعالى 61
18 ذكر كتاب عبيد الله بن زياد إلى يزيد بن معاوية 62
19 ابتداء أخبار الحسين بن علي عليهما السلام 64
20 ذكر مسير الحسين إلى العراق 69
21 (قصة عبيد الله بن الحر الجعفي) 73
22 ذكر الحر بن يزيد الرياحي لما بعثه عبيد الله بن زياد لحربه الحسين بن علي رضي الله عنهما 76
23 ذكر كتاب الحسين رضي الله عنه إلى أهل الكوفة 81
24 ذكر نزول الحسين رضي الله عنه بكربلاء 84
25 ذكر اجتماع العسكر إلى حرب الحسين بن علي رضي الله عنه 89
26 ذكر ابتداء الحرب بين الحسين وبين القوم 101
27 ذكر الذين قتلوا بين يدي الحسي بن علي 101
28 وهذه تسمية من قتل بين يدي الحسين من ولده وإخوانه وبني عمه رضي الله عنهم 110
29 ذكر كلام زينب بنت علي رضي الله عنها 121
30 ذكر دخول القوم على عبيد الله بن زياد 122
31 ذكر عبد الله بن عفيف الأزدي ورده على ابن زياد ومقتله رحمه الله 123
32 ذكر كتاب عبيد الله بن زياد إلى يزيد بن معاوية وبعثته إليه برأس الحسين بن علي رضي الله عنهما 126
33 ذكر ما كان بعد قتل الحسين بن علي رضي الله عنهما 135
34 ذكر قدوم سلم بن زياد أخي عبيد الله بن زياد على يزيد بن معاوية وتوليته بلاد خراسان 136
35 ذكر كتاب يزيد بن معاوية إلى محمد ابن الحنفية ومصيره إليه وأخذ جائزته 137
36 ابتداء ذكر عبد الله بن الزبير وفتنته ودعوته الناس إلى بيعته 140
37 ذكر حبس المختار بن أبي عبيد الكوفي وما كان عبيد الله بن زياد لعنه الله 143
38 ثم رجعنا إلى الخبر الأول 144
39 ذكر حرب المختار من ابن زياد وما كان من بيعته لعبد الله بن الزبير 146
40 ابتداء حرب وأقم وقتل فيها من أولاد المهاجرين والأنصار والعبيد والموالي 150
41 ذكر الوقعة الأولى بين مكة والمدينة بين عمرو بن الزبير وأخيه عبد الله ومقتل عمرو بن الزبير 153
42 ذكر مسير مسلم بن عقبة المري إلى مكة 159
43 ذكر حرة وأقم وما قتل فيها من المسلمين 159
44 ثم رجعنا إلى أخبار الشام 169