كتاب الفتوح - أحمد بن أعثم الكوفي - ج ٥ - الصفحة ٤٠
ضعف، وأن آخذ منكم البريء بالسقيم، والشاهد بالغائب، والولي بالولي. قال:
فقام إليه رجل من أهل الكوفة يقال له أسد بن عبد الله المري فقال: أيها الأمير! إن الله تبارك وتعالى يقول: (ولا تزر وازرة وزر أخرى) وإنما المرء بجده، والسيف بحده، والفرس بشدة، وعليك أن تقول وعلينا أن نسمع، فلا تقدم فينا السيئة قبل الحسنة. قال: فسكت عبيد الله بن زياد ونزل عن المنبر فدخل قصر الإمارة.
وسمع بذلك مسلم بن عقيل وبقدوم عبيد الله بن زياد وكلامه، فكأنه اتقى على نفسه، فخرج من الدار التي (1) هو فيها في جوف الليل حتى أتى دار هانئ بن عروة المذحجي رحمه الله فدخل عليه، فلما رآه هانئ قام إليه وقال: ما وراءك - جعلت فداك؟ فقال مسلم: ورائي ما علمت هذا عبيد الله بن زياد الفاسق ابن الفاسق قد قدم الكوفة فاتقيته على نفسي (2)، وقد أقبلت إليك لتجيرني وتأويني حتى أنظر إلى ما يكون. فقال له هانئ بن عروة: جعلت فداك! والله لقد كلفتني شططا! ولو لا دخولك داري (3) لأحببت أن تنصرف، غير أني أرى ذلك عارا علي أن يكون رجل أتاني مستجيرا، فانزل على بركة الله (4). قال: فنزل مسلم بن عقيل في دار هانئ المذحجي. وجعل عبيد الله بن زياد يسأل عنه فلم يجد من يرشده عليه، وجعلت الشيعة تختلف إلى مسلم رحمه الله في دار هانئ ويبايعون للحسين سرا، ومسلم بن عقيل يكتب أسماءهم ويأخذ عليهم العهود والمواثيق لا يركنون ولا يعذرون، حتى بايع مسلم بن عقيل نيف وعشرون ألفا (5). قال: وهم مسلم بن

(١) بالأصل " الذي "، وقد تقدم أنه نزل في دار المختار بن أبي عبيد. وقيل غير ذلك. انظر ما لاحظنا في مكانه. وانظر الطبري ٥ / ٣٦٢.
(٢) وكان مسلم قد أخبر بمقالة عبيد الله بن زياد، وما أخذ به العرفاء والناس، وكان عبد الله قد قال للناس: " اكتبوا إلي الغرباء، ومن فيكم من طلبة أمير المؤمنين ومن فيكم من الحرورية وأهل الريب الذين رأيهم الخلاف والشقاق فمن كتبهم لنا فبرئ ومن لم يكتب لنا أحدا فيضمن لنا ما في عرافته ألا يخالفنا منهم مخالف ولا يبغي علينا منهم باغ فمن لم يفعل برئت منه الذمة وحلال لنا ماله وسفك دمه، وأيما عريف وجد في عرافته من بغية أمير المؤمنين أحد لم يرفعه إلينا صلب على باب داره ".
وكان هذا سبب خوف مسلم بن عقيل والتجائه إلى دار هانئ بن هانئ سيد قومه.
(٣) زيد في الطبري: وثقتك.
(٤) انظر الطبري ٥ / ٣٦٢ والأخبار الطوال ص ٢٢٣.
(5) في الإمامة والسياسة 2 / 8 أكثر من ثلاثين ألفا.
(٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (كتاب الضحاك بن قيس إلى يزيد بن معاوية) 5
2 ذكر كلام يزيد بن معاوية 9
3 ذكر الكتاب إلى أهل البيعة بأخذ البيعة 9
4 ذكر كتاب يزيد بن معاوية الوليد بن عتبة 18
5 ذكر وصية الحسين بن علي إلى أخيه محمد ابن الحنفية 20
6 ذكر وصية الحسين رضي الله عنه لأخيه محمد رضي الله عنه 21
7 ذكر أخبار الكوفة وما كان من كتبهم إلى الحسين بن علي رضي الله عنهما 27
8 ذكر الكتاب الأول إلى الحسين رضي الله عنه 27
9 ذكر الكتاب الثاني 29
10 ذكر كتاب الحسين بن علي إلى أهل الكوفة 30
11 ذكر خروج مسلم بن عقيل رضي الله عنه نحو العراق 32
12 ذكر نزول مسلم بن عقيل الكوفة واجتماع الشيعة إليه للبيعة 34
13 ذكر مسير عبيد الله بن زياد ونزوله الكوفة وما فعل بها 38
14 ذكر هانئ وعبيد الله بن زياد 45
15 ذكر مسلم بن عقيل رحمه الله وخروجه على عبيد الله بن زياد 49
16 ذكر دخول مسلم بن عقيل على عبيد الله بن زياد وما كان من كلامه وكيف قتل 55
17 ذكر هانئ بن عروة ومقتله بعد مسلم بن عقيل رحمهما الله تعالى 61
18 ذكر كتاب عبيد الله بن زياد إلى يزيد بن معاوية 62
19 ابتداء أخبار الحسين بن علي عليهما السلام 64
20 ذكر مسير الحسين إلى العراق 69
21 (قصة عبيد الله بن الحر الجعفي) 73
22 ذكر الحر بن يزيد الرياحي لما بعثه عبيد الله بن زياد لحربه الحسين بن علي رضي الله عنهما 76
23 ذكر كتاب الحسين رضي الله عنه إلى أهل الكوفة 81
24 ذكر نزول الحسين رضي الله عنه بكربلاء 84
25 ذكر اجتماع العسكر إلى حرب الحسين بن علي رضي الله عنه 89
26 ذكر ابتداء الحرب بين الحسين وبين القوم 101
27 ذكر الذين قتلوا بين يدي الحسي بن علي 101
28 وهذه تسمية من قتل بين يدي الحسين من ولده وإخوانه وبني عمه رضي الله عنهم 110
29 ذكر كلام زينب بنت علي رضي الله عنها 121
30 ذكر دخول القوم على عبيد الله بن زياد 122
31 ذكر عبد الله بن عفيف الأزدي ورده على ابن زياد ومقتله رحمه الله 123
32 ذكر كتاب عبيد الله بن زياد إلى يزيد بن معاوية وبعثته إليه برأس الحسين بن علي رضي الله عنهما 126
33 ذكر ما كان بعد قتل الحسين بن علي رضي الله عنهما 135
34 ذكر قدوم سلم بن زياد أخي عبيد الله بن زياد على يزيد بن معاوية وتوليته بلاد خراسان 136
35 ذكر كتاب يزيد بن معاوية إلى محمد ابن الحنفية ومصيره إليه وأخذ جائزته 137
36 ابتداء ذكر عبد الله بن الزبير وفتنته ودعوته الناس إلى بيعته 140
37 ذكر حبس المختار بن أبي عبيد الكوفي وما كان عبيد الله بن زياد لعنه الله 143
38 ثم رجعنا إلى الخبر الأول 144
39 ذكر حرب المختار من ابن زياد وما كان من بيعته لعبد الله بن الزبير 146
40 ابتداء حرب وأقم وقتل فيها من أولاد المهاجرين والأنصار والعبيد والموالي 150
41 ذكر الوقعة الأولى بين مكة والمدينة بين عمرو بن الزبير وأخيه عبد الله ومقتل عمرو بن الزبير 153
42 ذكر مسير مسلم بن عقبة المري إلى مكة 159
43 ذكر حرة وأقم وما قتل فيها من المسلمين 159
44 ثم رجعنا إلى أخبار الشام 169