كتاب الفتوح - أحمد بن أعثم الكوفي - ج ٥ - الصفحة ٤٨
قال: فضرب هانئ بيده إلى قائم سيف من سيوف أصحاب ابن زياد فجاذبه ذلك الرجل ومنعه من السيف، وصاح عبيد الله بن زياد: خذوه! فأخذوه وألقوه في بيت من بيوت القصر وأغلقوا عليه الباب (1).
قال: ثم وثب أسماء بن خارجة إلى عبيد الله بن زياد فقال: أيها الأمير! أمرتنا أن نأتيك بالرجل فلما جئناك به وأدخلناه إليك هشمت وجهه وأسلت دمه (2) وزعمت أنك تقتله. قال: فغضب ابن زياد وقال: وأنت ههنا أيضا؟ ثم أمر بأسماء بن خارجة فضرب حتى وقع لجنبه. قال فحبس (3) أسماء ناحية من القصر وهو يقول:
إنا لله وإنا إليه راجعون، إلى نفسي أنعاك يا هانئ (4).
قال: وبلغ ذلك بني مذحج (5)، فركبوا جميعهم عن آخرهم حتى وافوا باب القصر فضجوا وارتفعت أصواتهم، فقال عبيد الله بن زياد: ما هذا؟ فقيل له: أيها الأمير هؤلاء عشيرة هانئ بن عروة يظنون أنه قد قتل. فقال ابن زياد للقاضي شريح: قم فادخل إليه (6) وانظر حاله واخرج إليهم وأعلمهم أنه (7) لم يقتل. قال:
فدخل شريح إلى هانئ فنظر إليه (8)، ثم خرج إلى القوم فقال: يا هؤلاء! لا

(١) ثمة رواية مختلفة أوردها المسعودي في مروج الذهب ٣ / ٧١ للمقابلة التي جرت بين ابن زياد وهانئ: وفيه أن ابن زياد أغلظ القول لهانئ بعدما أنكر معرفته بمكان وجود مسلم بن عقيل، فقال له هانئ: إن لزياد أبيك عندي بلاء حسنا وأن أحب مكافأته به، فهل لك في خير؟ فقال ابن زياد: وما هو؟
قال: تشخص إلى أهل الشام أنت وأهل بيتك مسالمين بأموالكم فإنه قد جاء حق من هو أحق من حقك وحق صاحبك. فقال ابن زياد: أدنوه مني، فأدنوه منه، فضرب وجهه... ".
(٢) في الطبري: وسيلت دمه على لحيته.
(٣) بالأصل: " فجلس ".
(٤) وأما موقف محمد بن الأشعث وهو أحد الذين ذهبوا إلى هانئ يدعونه إلى زيارة ابن زياد، قال الطبري: فقال: قد رضينا بما رأى الأمير. لنا كان أم علينا، إنما الأمير مؤدب.
(٥) في الطبري: وبلغ عمرو بن الحجاج - (وكانت أخت عمرو تحت هانئ بن عروة، وهي أم يحيى بن هانئ) - أن هانئا قد قتل، فأقبل في مذحج حتى أحاط بالقصر...
(٦) الطبري: ادخل على صاحبهم.
(٧) الطبري والأخبار الطوال: أنه حي.
(8) في الطبري: قال شريح: فلما رآني قال: يا لله يا للمسلمين! أهلكت عشيرتي، فأين أهل الدين، و أين أهل المصر، تفاقدوا يخلوني... (إذ سمع الرجة على باب القصر) فقال يا شريح: إني لأظنها أصوات مذحج وشيعتي من المسلمين إن دخل علي عشرة نفر أنقذوني...
(٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (كتاب الضحاك بن قيس إلى يزيد بن معاوية) 5
2 ذكر كلام يزيد بن معاوية 9
3 ذكر الكتاب إلى أهل البيعة بأخذ البيعة 9
4 ذكر كتاب يزيد بن معاوية الوليد بن عتبة 18
5 ذكر وصية الحسين بن علي إلى أخيه محمد ابن الحنفية 20
6 ذكر وصية الحسين رضي الله عنه لأخيه محمد رضي الله عنه 21
7 ذكر أخبار الكوفة وما كان من كتبهم إلى الحسين بن علي رضي الله عنهما 27
8 ذكر الكتاب الأول إلى الحسين رضي الله عنه 27
9 ذكر الكتاب الثاني 29
10 ذكر كتاب الحسين بن علي إلى أهل الكوفة 30
11 ذكر خروج مسلم بن عقيل رضي الله عنه نحو العراق 32
12 ذكر نزول مسلم بن عقيل الكوفة واجتماع الشيعة إليه للبيعة 34
13 ذكر مسير عبيد الله بن زياد ونزوله الكوفة وما فعل بها 38
14 ذكر هانئ وعبيد الله بن زياد 45
15 ذكر مسلم بن عقيل رحمه الله وخروجه على عبيد الله بن زياد 49
16 ذكر دخول مسلم بن عقيل على عبيد الله بن زياد وما كان من كلامه وكيف قتل 55
17 ذكر هانئ بن عروة ومقتله بعد مسلم بن عقيل رحمهما الله تعالى 61
18 ذكر كتاب عبيد الله بن زياد إلى يزيد بن معاوية 62
19 ابتداء أخبار الحسين بن علي عليهما السلام 64
20 ذكر مسير الحسين إلى العراق 69
21 (قصة عبيد الله بن الحر الجعفي) 73
22 ذكر الحر بن يزيد الرياحي لما بعثه عبيد الله بن زياد لحربه الحسين بن علي رضي الله عنهما 76
23 ذكر كتاب الحسين رضي الله عنه إلى أهل الكوفة 81
24 ذكر نزول الحسين رضي الله عنه بكربلاء 84
25 ذكر اجتماع العسكر إلى حرب الحسين بن علي رضي الله عنه 89
26 ذكر ابتداء الحرب بين الحسين وبين القوم 101
27 ذكر الذين قتلوا بين يدي الحسي بن علي 101
28 وهذه تسمية من قتل بين يدي الحسين من ولده وإخوانه وبني عمه رضي الله عنهم 110
29 ذكر كلام زينب بنت علي رضي الله عنها 121
30 ذكر دخول القوم على عبيد الله بن زياد 122
31 ذكر عبد الله بن عفيف الأزدي ورده على ابن زياد ومقتله رحمه الله 123
32 ذكر كتاب عبيد الله بن زياد إلى يزيد بن معاوية وبعثته إليه برأس الحسين بن علي رضي الله عنهما 126
33 ذكر ما كان بعد قتل الحسين بن علي رضي الله عنهما 135
34 ذكر قدوم سلم بن زياد أخي عبيد الله بن زياد على يزيد بن معاوية وتوليته بلاد خراسان 136
35 ذكر كتاب يزيد بن معاوية إلى محمد ابن الحنفية ومصيره إليه وأخذ جائزته 137
36 ابتداء ذكر عبد الله بن الزبير وفتنته ودعوته الناس إلى بيعته 140
37 ذكر حبس المختار بن أبي عبيد الكوفي وما كان عبيد الله بن زياد لعنه الله 143
38 ثم رجعنا إلى الخبر الأول 144
39 ذكر حرب المختار من ابن زياد وما كان من بيعته لعبد الله بن الزبير 146
40 ابتداء حرب وأقم وقتل فيها من أولاد المهاجرين والأنصار والعبيد والموالي 150
41 ذكر الوقعة الأولى بين مكة والمدينة بين عمرو بن الزبير وأخيه عبد الله ومقتل عمرو بن الزبير 153
42 ذكر مسير مسلم بن عقبة المري إلى مكة 159
43 ذكر حرة وأقم وما قتل فيها من المسلمين 159
44 ثم رجعنا إلى أخبار الشام 169