مجتمع يثرب - خليل عبد الكريم - الصفحة ٩
ذلك دليلا ساطعا على فعاليتها في المجتمع ولذلك كان من شارات الشرف لدى الرجال قبل الاسلام ان تكون (تحته) عشر نسوان ورأينا من الإناث من خمسة أي استهلكت خمس فحول ومنذ قديم حق الرجل ضعف حق الأنثى.
ولا ينتطح عنزان في أن طلاقة الجو وحرارة الطقس تثيران غريزة التماس بين الرجل والمرأة لذلك نجد هذه الغريزة في البلاد البارة فاترة في حين انها في الأقاليم الحارة مشبوبة مشتعلة ومتوقدة - وليس مصادفة ان البلاد ذات الكثافة السكانية الرهيبة تمتاز بحرارة الجو في حين ان معدلات الولادة منخفضة في الأصقاع الباردة.
تلك كانت الركائز التي توكأنا عليها في هذه الدراسة عن العلاقة بين الرجل والمرأة في مجتمع المدينة / أثرب إبان زمن محمد وعهود خلفائه الأربعة وفى اعتقادنا انه مجتمع شديد الخطر (القدر) بالغ الأهمية من الضروري بحثه من أقطاره كافة وشتى مناحيه لفهم كثير من الأمور: تتربع على رأسها (النصوص) حتى يتسنى تأويلها التأويل الأمثل وتفسيرها التفسير الأميز لأنها انبثقت في حناياه وارتبطت بأوضاعه وتشابكت مع ظروفه واتصلت بموجباته وتعلقت بأحواله وتوثقت باكراهاته ومن ثم وترتيبا على ذلك ونتيجة له حملت بصماته والحق ان عجبي لا ينقضي ودهشتي لا تنفذ وحيرتي ممتدة ممن يعرضون عن التفرس في ذلك المجتمع والتحديق فيه وتمحيصه وتأمله وتفليته (4) في دقيقه وعظيمه في صغيره وكبيره في نحيفه وغليظه في سمينه وهزيله خاصة من جانب الذين ينادون ب‍ (تاريخية النصوص) وبلزوم ربطها بأسباب نزولها ومناسبات ورود ها لأنها تغدو دعوى بلا دليل كامل وقضية بلا حجية مقنعة وادعاء بلا برهان دامغ... الخ.
ولكن عندما نضع ذلك المجتمع تحت المجهر ونسلط الأضواء الكاشفة عليه ونبرزه ونقدمه كما رسمته كتب التراث ذاتها نكون بذلك قدمنا دلائل الثبوت على

(4) في المعجم الوسيط ل‍ مجمع اللغة العربية: افتلى القوم: نظر إليهم متأملا.
(٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 3 4 7 8 9 10 11 12 13 15 ... » »»
الفهرست