الإسلام يتحدى - وحيد الدين خان - الصفحة ١٨٣
وكثيرا ما طبعوا على جدران المكاتب عبارات تقول: ان تقديم الرشوة، وقبولها ذنب، ولكن المرء، عندما يشاهد أن جرائم الرشوة تمضي في طريقها على قدم وساق، بمشهد من هذه العبارات، نفسها، يضطر إلى أن يعترف بأن الدعاية الحكومية لن تستطيع أن تمنع هذه الجريمة الاجتماعية القبيحة.
انهم يكتبون في كل عربة من عربات القطار: ان القطارات ملك للشعب، والحاق أي ضرر بها جريمة ضد الشعب.، ولكن المسافرين في نفس هذه العربات يسرقون لمباتها الكهربائية الرخيصة، ويحطمون زجاجها، وربما يثورون فيشعلون فيها النيران. وهو دليل على: أن فائدة الشعب ليست بأقوى من فائدة الفرد!!..
ان كبار الزعماء والسياسيين يعلنون في خطبهم: أن استغلال الوسائل الحكومية لصالح الأغراض الفردية خيانة في حق الشعب والدولة. ولكن المشروعات الكبرى تفشل في تحقيق أهدافها، لأن النسبة الكبرى من الميزانية المقررة تأخذ طريقها إلى جيوب المسؤولين القائمين بأمر هذه المشروعات، بدلا من انفاقها في مكانها الصحيح. وهكذا اختفت المعايير والقيم من الحياة القومية، رغم كل الجهود التي بذلت من جانبي المصلحين والزعماء، وباءت كل الوسائل التي استخدموها بالفشل الذريع (1).
هذه الظواهر هي في الواقع دلائل على أن الحضارة الإلحادية قد انتهت بركب البشرية إلى الوحل، وقد ضللتها عن طريقها، التي لم يكن منها بد لمواصلة المسيرة، ولا حل لهذه الأزمة الا بالرجوع إلى الله، والتسليم بأهمية الدين للحياة، فهو الأساس الوحيد الذي يساعد على النهوض بالحياة البشرية على خير وجه، وليست هناك من أسس أخرى.
* * * كتب البروفسور تشستر باولز (2)، السفير الأمريكي الأسبق لدى الهند، يقول:

(1) ان الأمثلة التي ذكرها المؤلف هنا؟ من أسبوع الكرم إلى التلاعب في أموال الدولة؟ أمور عادية جدا في الهند، وهي تحدث على مسمع ومشهد من الجمهور والمسؤولين، وترتب على ذلك أن الحالة الأخلاقية للشعب الهندي آخذة في التدهور بشكل يخيف السياسيين من عواقبها على المدى البعيد، وهؤلاء (الوثنيون منهم أو الملحدون) لا يعرفون كيف يسدون هذا السيل الخطر، فغالبيتهم العظمى تجري وراء مصالحها الذاتية، ولذلك قد تفشى الفساد وعمت الرشوة وسادت اعتبارات المحسوبية في كل وسط، من أدناه إلى أرقاه وهي حال تدمي قلوب الساسة الوطنيين المخلصين، ولكنهم مغلوبون على أمرهم.
(2) Chester Bowles هو من أشهر الخبراء الاقتصاديين في الولايات المتحدة الأمريكية المعرب.
(١٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 178 179 180 181 182 183 184 185 186 187 188 » »»